الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة في فروع المالكية ***
فيما يفيد ولاية التصرف للغير. وفيه بابان: الركن الأول: الموصي، وفي الجواهر: هو كل من كانت له ولاية على التصرف على الملك أو الأطفال كالأب والوصي دون الأم، وروي تصحيحها في اليسير كالخمسين ديناراً أو نحوها. قال ابن القاسم: وذلك من مالك استحسان وليس بقياس. قال: وذلك - عندي - فيمن ليس له أب ولا وصي، ومنعها أشهب؛ لعدم الولاية في الحياة التي تستفاد منها الولاية بعد الوفاة للغير، وفي الكتاب: للمرأة أن توصي في ما لها وإنفاذ وصاياها ووفاء ديونها قياساً على الرجل، وإن لم يكن عليها دين فلا توصي بمال ولدها الأطفال لعدم الولاية لها في الحياة، إلا أن تكون وصية الأب، وإلا امتنع إذا كان المال كثيراً، وينظر فيه الإمام وإن كان يسيراً نحو ستين فيجوز فيمن لا أب لهم ولا وصي. نظائر: قال العبدي: مسائل الخمسين إلى الستين خمس: الحيازة على الأقارب، واختلف في إلحاق الأصهار والموالي بهم وتعنيس البنت، وقيل: أربعون، وقيل: ثلاثون، والأربعون إلى الخمسين قراضاً فيها النفقة والكسوة، وكذلك البضاعة والخمسون ثمن الرابعة ووصية الأم. فرع: في الكتاب: لا تجوز وصية الجد والأخ لعدم الولاية، وإن لم يكن له أب ولا وصي، وإن قال: المال إلا أن يكون وصياً بخلاف الأم، وقال (ش): الجد كالأب لاندراجه في آية الميراث في قوله تعالى: (ولأبويه لكل واحد منهما السدس) وتحريم المصاهرة في قوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) والجواب: لا نزاع إنه أخفض رتبة منه في الحجب؛ لأنه لا يحجب الأخوة الأشقاء والأب يحجبهم، والأصل: عدم الولاية على الغير، خالفنا الأصل بالأب الذي هو أعلا رتبة وأتم شفقة، فيبقى فيما عداه على وفق الأصل، وليس في الجد نص فيتبع، والقياس لهذا الفارق مندفع، ومنع (ش): نفوذ وصية الأم والأب الفاسق. الركن الثاني: الوصي، وفي الجواهر: شروطه أربعة: الشرط الأول: التكليف، فلا تصح الوصية للمجنون وللصبي لعدم الأهلية لتحصيل مصالح هذه الولاية، وكل مسلوب الأهلية في ولاية لا تنعقد له. الشرط الثاني: الإسلام، فيعزل الكافر ولو ولي إن كان ذمياً خلافاً ل (ح) لقوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) وهي صيغة حصر فلا يتولى المسلم غير مسلم. قال ابن القاسم: في الكتاب: قد منع مالك المسخوط والذمي أولى، وعن ابن القاسم: إلا أن يرى الإمام لذلك وجهاً، وعن مالك: كراهة اليهودي أو النصراني، والجواز أيضاً إن كان قريباً كالأب والأخ والخال والمولى والزوجة. ومن يرى له حسن النظر للولد من أقاربه أو أوليائه، ويجعل معه غيره، ويكون المال بيد المجعول معه بخلاف أباعد القرابة؛ لأن مقصود الوصية ضبط المصلحة المولى عليها، فالوصي كالوكيل، وتجوز وكالة الكافر اتفاقاً غير أن الموصي مفقود لا يتعقب من ولاه بخلاف الموكل، فلذلك شدد في الوصي، قال ابن يونس: تجوز وصية الذمي للذمي مثله، قال محمد: ولا يوصي ذمي لحربي ولو كان مستأمناً، قاله أشهب، ولو أوصى الحربي للمستأمن جاز؛ لأنه أفضل منه، وتجوز وصية الحربي والذمي للمسلم. الشرط الثالث: العدالة، وفي الجواهر في الكتاب: لا يوصى لمن ليس بعدل؛ لأن العدالة وازع عن الفساد، فعدمها يبطل الولاية، وقال ابن حبيب: تصح الوصية للفاسق ويزيلها الحاكم منه، فلو كان عدلاً لأنفذ تصرفه. قاعدة: المصالح الشرعية ثلاثة أقسام: ما هو في محل الضرورات، وما هو في محل الحاجات، وما هو في محل التتمات. فالعدالة ضرورية في الشهادات لعموم البلوى وعظم مفسدة شهادة الزور، وفي محل الحاجات الوصية كحاجة الإنسان لوثوقه بوصية بعد موته، والفاسق خائن لربه لفساده فلعباده أولى. وفي محل التتمات في ولاية النكاح، وهو أخفض رتبة؛ لأن وازع القرابة يقوم مقام العدالة في دفع العار والسعي في الأضرار، لكن القرابة مع العدالة أتم على الخلاف في ذلك، ولا يشترط في الأقارب إجماعاً؛ لأن الإقرار على خلاف الوازع الطبيعي فاكتفي بالطبع عن العدالة فإن الإنسان محمول على جلب النفع لنفسه ودفع الضرر عنها فلا يعدل عن ذلك إلا لما هو حق في ظاهر الحال، وقد تقدم بسط هذه القواعد في القياس من مقدمة الكتاب. فرع: قال محمد بن يونس: قال محمد: لا يوصى لمأبون؛ لأن الأبنة داء في الدبر يشعر بسوء الحال، وجوز ابن القاسم وأشهب المحدود في القذف إذا كان ذلك منه فلته، وهو مرضي الحال، وكان يوم حد غير مسخوط فإن السباب ربما صدر من العدول والصلحاء نادراً، ولا يخل ذلك بحالهم في العدالة بخلاف الزنا وغيره لا يقدم عليه إلا السفلة إلا أن يتوب وتحسن حاله. فرع: قال اللخمي: إذا وصى غير عدل فادعى ضياع المال لم يصدق إذا كان غير مأمون، والوصية لغير العدل تجوز بما يخص الميت كالوكالة، نحو الوصية بالثلث أو العتق أو بشيء في السبيل. فرع: قال: إذا لم يكن الوصي وارثاً لم يكشف الورثة عن شيء إلا فيما يبقى للورثة منفعته مثل ولاء العتق، إلا أن يكون الوصي سفيهاً سارقاً فيكشف عن ذلك كله فرب وصي لا ينفذ من الوصية شيئاً، وإن كان الوصي وارثاً فلباقي الورثة الكشف عنه لاحتمال الإزواء لنفسه فتكون وصية لوارث. الشرط الربع: في الجواهر: الكفاية والهداية في التصرف دون الذكورة والحرية؛ لأن الجاهل بتنمية الأموال وتفاصيل أحوال الناس ربما أفسد أكثر مما يصلح، وقد يكون الإنسان يصلح لقضاء الإقليم وهداية أهله، بالفتيا. وهو لا يصلح للتصرف في يسير المال ولا كثيره، فلا يغتر بظاهره حتى تثبت أهليته. قال اللخمي: يجوز للعبد المأمون الكافي كان ملكاً للميت أو لغيره إذا رضي سيده ولم يخف عليه السيد على ما في يديه لأنه صحيح التصرف، وإنما حجر عليه لأجل سيده، فإذا أذن سقط حقه، قال أشهب: إن سافر سيده أو مشتريه جعل الإمام وصياً غيره، والمعروف من قوله: أن للعبد أن يقيم مقامه فلا يجد. وإذا أوصى ببنيه الصغار لعبده فطلب الكبار انصبائهم من الغلام خاصة جاز وبقي الغلام على حاله أو بيع الجميع خشية النجش بالتجار جاز عند مالك إلا أن يرى أن أخذ بقيته حسن نظراً للأيتام أو يدفع للشركاء بقدر ذلك البخس فلا تباع على الصغار أنصباؤهم لأنه مالهم أصلح لهم، وفي الكتاب: إذا أراد الأكابر بيع نصيبهم اشتري للأصاغر إن كان لهم مال يحمل ذلك وإلا إن أضر بهم بيعه باع الأكابر حصتهم خاصة إلا أن يضر ذلك بالأكابر فيقضى على الأصاغر هنا للضرر. وقال صاحب النكت: قال بعض الشيوخ: إذا بيع كما قال في الكتاب انفسخت وصيته في البيع؛ لعدم تمكنه من مصالح الوصية. وفي مختصر حمديس: لمشتريه فسخ الوصية إن كانت تشغله وتضر به. قال وفيه نظر. وفي كتاب ابن حبيب: إذا بيع جميعه انفسخت الوصية؛ لأنه إنما أوصى له بناء على بقائه على ملكه. قال صاحب البيان: قال مالك: إذا أوصى لعبده فأراد أحد الورثة بيع نصيبه أعطي نصيبه من مال المولى عليهم بقيمة العدل ليخلص لهم، كما لو أوصى بعتقه. فإن كان في التقويم على الأصاغر ضرر أو ليس لهم مال بيع نصيب الأكابر وبقي نصيب الأصاغر ينظر لهم في آبائهم، فإن كان على الأكابر ضرر في التقويم على الأصاغر، يباع وتفسخ الوصية. وقال سحنون: إنما يكون العبد وصياً عليهم إذا استوت كلفتهم، أما أحدهم له مال دون غيره فلا؛ لأن المنفعة ينبغي أن تكون على قدر الأملاك. قال سحنون: وإذا كان فيهم كبير فهي وصية لوارث إن أجازها الكبار وإلا بطلت، وقول مالك أصح إذا قلنا: إنه إنما يحرم الأصاغر في آبائهم، قال ابن كنانة: إن وافق الأكابر على عدم اشتماله على الأصاغر وإلا اشتري للأصاغر نصيب الأكابر تنفيذاً للوصية. قال أشهب: تجوز الوصية للمكاتب والمدبر وأم الولد والمعتق بعضه والمعتق إلى أجل، ومنع سحنون المعتق إلى اجل إلا أن يرضى الأكابر؛ لأنه يشتغل على خدمتهم. قال أشهب: وإذا أوصى لعبد غيره وأجازه السيد ليس له الرجوع، وقال (ح): توقف الوصية لعبد الغير على إذن سيده كما قلنا، وأما عبد نفسه وفي الورثة كبير يلي نفسه لم يصح، والأصح، لنا: القياس على الحر بجامع العدالة وحسن النظر في تحصيل المصلحة، وقياساً على الوكالة لا يلزم الكافر؛ لأن نظره عام في تعليم القرآن وغيره من آداب البدن وهو متعذر من الكافر، احتجوا بالقياس على الشهادة، وبقوله تعالى: (ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء) فلا يقدر على التصرف الخاص. والجواب عن الأول: أن شهادته له مظنة التهمة، وعن الثاني: أن المراد: ضرب المثل للكفار بأن الأصنام ملكتهم وهم لا يقدرون على شيء، فالعبد يقدر على الخدمة إجماعاً. الركن الثالث: الموصى به، وفي الجواهر: هو التصرف المالي في قضاء الديون وتفريق الثلث، وصغار الولد بالولاية عليهم، وبنكاح كبار ولده، ومنع (ش): تصرف الوصي في إنكاح البنات، لأن الأب جعلت له الولاية حالة الحياة لمعنى فيه، وهو مزيد الشفقة، فإن مات انقطعت ولايته فلا حق له بعد الموت يوصي فيه، بخلاف ثلثه، والنظر المالي، لنا: أنه حق كان له حال الحياة، فيوصي به بعد المماة قياساً على المال وعلى الوكالة فيها حالة الحياة. الركن الرابع: الصيغة، وفي الجواهر: هي الصيغة الدالة على تفويض الأمر إليه بعد موته نحو: وصيت إليك، وفوضت إليك أمر أموالي وأولادي، وأسندت أمرهم إليك أو أقمتك مقامي ونحو ذلك، وإطلاق لفظ الوصية يتناول النوعين وجميع الحقوق، والتخصيص يقتضي الاقتصار على المذكور، وأما إن أوصى بنوع، ولم يذكر أنه مقصور عليه بل سكت: فروى ابن القاسم التخصيص به؛ لأن الأصل: المنع حتى يتفق الآذن، وقاله (ش). وروى ابن عبد الحكم إذا قال: أنت وصي في هذا لأحد النوعين أو لشيء مما يدخل تحت أحدهما فهو وصية في كل شيء كما لو أطلق، أما لو أوصى لأحد وصيين بأمر خاص نحو قضاء الدين، ولآخر بأمر خاص نحو النظر في أم ولده فليس لأحدهما النظر فيما جعل للآخر اتفاقاً؛ لأن أحد الشخصين قد يصلح لما جعل له دون غيره، وقد عين غيره لغير ما عين له، فكان كالعزل عنه بخلاف الأول، وقال (ح): إذا أوصى بمخصوص عم، ولو نهاه عن غيره، ولو عين لوصيين كل واحد نوعاً لكل واحد التصرف العام فيما بين صحابه وغيره، ولو وصاه بدين بعض الأولاد عم نظره الأولاد ولا نص، فإنه لو وصى برد الودائع والغصوب والعواري اختص، وأصل المسألة: أن الوصية هل هي وكالة تقبل التجزئة أو خلافه وولاية فلا تتجزأ؟ لنا: قوله تعالى: (فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه) وقياساً على الوكالة في الحياة؛ لأنه يملك التزويج بالوصية ولا يملك بالخلافة، فدل على أنها وكالة لا خلافه وإمامة، وقياساً على ولاية الحكم إذا خصصت اختصت. احتجوا على أنها ولاية لا نيابة: إن النيابة تختص بما يملكه المستنيب، فكيف لا يملك التصرف، ولهذا إذا جن الموكل بطلت الوكالة لعدم أهلية الموكل، ولأن الوكالة لا تعتبر فيها العدالة بخلافها فتكون ولاية لا نيابة، ولأن الوصي يتعذر عزله إلا بالخيانة، والوكيل يعزل مطلقاً، ولو جن الوصي لا ينعزل بخلاف الوكيل، ولأنها لا تثبت إلا على عاجز بخلاف الوكالة، ولأنه يملك أن يوكل بخلاف الوكيل، ولأن الشرع لو نص على شيء وسكت عما عداه عم فكذلك هاهنا، ولأنه تصوف بولاية فلا تختص كالأب، ولأنه يستفاد من الموت فلا يتجزأ كالميراث، ولأن قوله: أنت وصيي يعم، فقوله في قضاء ديني: تأكيد. والجواب عن الأول: أن الموت لا ينافي صحة الإذن ونفوذ التصرف كقوله: أنت حر بعد موتي إن دخلت الدار يعتق، والفقه: أن التصرف المعلق قبل الموت لا ينافيه الموت بخلاف المعلق على الحياة، ولا تزول ولاية الميت إلا فيما لم يستبقه، أما ما استبقاه فلا، وإن قال: اعتقوا عني هذا بقي على ملكه بعد الموت حتى يعتق. وعن الثاني: أنها ثابتة في حق الغير، والنيابة في حق الغير تشترط فيها العدالة. وعن الثالث: إنه تبطل بالقاضي يعزل بغير جناية، ثم الفرق: أن الميت يتعذر منه العزل بخلاف الموت. الركن الرابع: أن الوصي ليس نائباً عن الطفل، والوكالة تكون عن العاجز والجماد. وعن الخامس: أن للوكيل أن يوكل فيما لا يتولاه بنفسه وهاهنا هو عاجز بعد الموت فيوصي. وعن السادس: أن الشرع إذا نهى عن شيء لا يندرج فيما أذن فيه، وأنتم تقولون هاهنا فحديث الشرع حجة عليكم. وعن السابع: أن تصرف الأب بالولاية وشأنها: عدم الاختصاص كالخلافة والإمامة العظمى والوصية ولاية خاصة تخصيص فيه كصيغة الإطلاق في الوصية والنزاع في التخصيص. وعن السابع: أنه لو قال: أنت وصيي في كذا، ولست وصيي في كذا ثم ينتقض ذلك بالوكالة فإنها لا تعلم مع وجود غير ما ذكرتموه. فرع: في الكتاب: فلان وصيي على كذا لشيء عينه اختص بما سماه، أو على قبض ديوني وبيع تركتي، أحب إلي أن لا يزوج بناته حتى يرفع للسلطان، فإن لم يرفع رجوت أن يجوز، ولو قال: فلان وصيي حتى يقدم فلان فيكون وصيي جاز، قال صاحب النكت: إن قدم فلم يرض أو مات في غيبته بقي الأول على وصيته؛ لأنه مغيا بغاية لم تحصل، قال التونسي: الأمر كذلك في الموت، أما إن قدم فلم يقبل فظاهر الأمر سقوط الوصية لإيقافه على الغيبة، وقد قدم إلا إن يكون المفهوم إذا قدم وقبل، قال اللخمي: قال أشهب: إذا مات في غيبته لا وصية للحاضر، وينظر السلطان؛ لأنه مقتضى فعل الميت، قال ابن يونس: إذا قال: على قبض ديوني وبيع تركتي قال أشهب: له أن يزوج ولا يرفع للسلطان؛ لأن الناس إنما يقصدون بهذه الألفاظ التنبيه على أصل الوصية لا سيما وهي تقع في الأمراض وأوقات الضرورات المانعة من استيفاء العبارات، قال مالك: لو أوصى بميراث ابنته فلانة الصغيرة أن يرفع إليه، له تولى بعضها وحسن رفعه للإمام. وفي الكتاب: يجوز للوصي أن يوصي غيره عند موته ويكون بمنزلته في النكاح وغيره، وقاله (ح)، وقال (ش): ليس له أن يوصي كما لا يوكل الوكيل ولا يودع المودع ولا يقارض المقارض، وجوابه: أن المفروض في هذه الصور لم يوص بغير الأول، وفي الوصية فوض إليه مطلقاً ثم الفرق: أن في تلك الصور أن المفوض حي يمكنه نيابة الغير بحسن نظره، فلا ينفذه نظر غيره، وهو هاهنا ميت عديم النظر فلو لم يثبت نظر الموصى من قبله لضاعت المصالح، وله أن يقدم في مصالحه عموماً فتكون له النيابة كالإمام، بل هاهنا أولى؛ لأنه موصى من جهة الموصي. قال يحيى بن سعيد: فإن كانوا ثلاثة فأوصى أحدهم عند موته بما أوصى به إليه لغير شريكيه في الوصية جاز لما تقدم، وأباه سحنون؛ لأنه استقلال بالتصرف، ومقتضى الشركة عدمه قال ابن يونس: قال سحنون: لا يوصي أحدهم لأحد، بل للحاكم جعل رجل مع الوصيين بدل الميت أو يقرهما منفردين. فرع: في الكتاب: إذا قبل في حياة الموصي ليس له الرجوع بعد موته بخلاف الوكيل له عزل نفسه؛ لأن الموت يمنع من استدراك المصلحة، وقاسه (ش) على الوكيل، والفرق: ما ذكرناه، قال التونسي: له الرجوع ما لم يمت الموصي، وعن أشهب: ليس له وكأنه وهب منافعه ونظره للأطفال للبلوغ والرشد. والواهب لا يرجع في هبته. قال ابن يونس: قال أشهب: إن قبلها بعد موت الموصي أو صدر منه ما يدل على رضاه كالبيع ونحوه لزمته، وإن امتنع من قبولها في حياته وبعد مماته ليس له القبول إلا أن ينصه السلطان لحسن نظره. قال أصبغ: في الرجل يجعله السلطان ينظر لليتيم ليس له العزل عزل ذلك السلطان أم لا، إلا إن يزيله السلطان على وجه النظر، وخالفه أشهب؛ فإنها نيابة وليست وصية. قال ابن وهب: إذا أوصى لرجل بوصية وبما هو وصي فيه فقبل وصيته في نفسه دون ما هو وصي فيه للإمام إن يلي أمر الأول لعدم وصي، وقال أشهب: يقبل الجميع أو يتركه؛ لأن الجميع متعلق بمن وصاه. قال اللخمي: ليس للوصي الرجوع إلا أن تطول مدة السفه بعد البلوغ؛ لأنه لم يلتزم النظر إلا إلى الوقت المعتاد. وفي الجواهر: الوصية عقد جائز قبل الموت لا بعده، فللموصي عزل الوصي، وللوصي عزل نفسه بعد القبول قبل الموت، وظاهر إطلاق عبد الوهاب وابن الجلاب: منعه من الرجوع بعد القبول مطلقاً إلا أن يعجز أو يكون له عذر في تركها. وقال ابن القاسم: إن لم يقبلها قبل الموت فله الرجوع، وخالفه أشهب. فإن امتنع من القبول قبل الموت وبعده فليس له بعد قبولها إلا إن يجعلها له السلطان لإعراضه عن العقد بالكلية فيفتقر إلى إنشاء إيجاب. فرع: في الكتاب: يجوز قبول المسلم وصية الذمي إذا لم يكن في تركته خمر أو خنزير وأمن من إلزامه الجزية. فرع: في الكتاب: ليس لأحد الوصيين بيع ولا شراء ولا نكاح ولا غير ذلك دون صاحبه إلا إن يوكله؛ لأن الموصي لم يرض بنظر أحدهما. فإن اختلفا نظر السلطان، ولا يقسم المال بينهما؛ لأنه خلاف نظر الموصي، ولكن عند أعدلهما فإن استويا في العدالة فعند أتقاهما، ولو اقتسما الصبيان فلا يأخذ كل واحد حصة صبيانه ولا يخاصم أحدهما غريماً إلا مع صاحبه، فإن ادعى أحد على الميت وأحدهما حاضر خاصمه، ويقضى له، والغائب على حجته للميت إذا قدم. قال ابن يونس: قال عبد الملك: إذا اقتسما الوصية والمال ضمناه لتعديهما فإن هلك ما بيد أحدهما ضمنه صاحبه حين أسلمه إليه لتعديه. وقال أشهب: لا يضمناه لأن الموصي على إنه لابد إن يليه أحدهما، قال اللخمي: إذا تصرف أحدهما وأراد الآخر رد فعله رفعه للسلطان. فإن رآه صواباً أمضاه وإلا فلا. فإن فات المشتري بالمبيع فعلى البائع الأقل من الثمن أو القيمة، وإن اشترى وفات البائع بالثمن فالسلعة له ويغرم الثمن، قال أشهب: إلا في الشيء اليسير التافه الذي لابد لليتيم منه مثل أن يبعثه أحدهما يشتري للآخر طعاما وكسوة لليتيم، وما يضر به تأخيره، وعن مالك إذا اختلفوا في المال طبع عليه وجعل على يد غيرهم؛ لأنه قد يريد أحدهما لعدالته والآخر لكفايته والآخر لرأيه، وقال ابن زياد: إن تشاحوا اقتسموه لأنهم أولى من الأجنبي، وإن مات أحدهما من غير وصية لم يكن للحي التصرف وحده، وينظر السلطان إما لغيره أو يشارك معه غيره، فإن مات عن وصية وجعل معه لغيره النظر للحي وحده، ورضي الحي بذلك جاز، وكذلك إن أقام آخر معه ووافقه عليه الحي جاز من غير مؤامرة حاكم، وإن خالفه رفع للسلطان فيثبته معه، وإن كره أو يعزله ويقيم غيره أو يقره وحده إن رضي الحي لأنه يقول: لم التزم النظر وحدي، وكذلك إن مرض أحدهما أو سافر لم يلزم الآخر النظر وحده، ويحرم اجتماع رأيهما على نظر هذا وحده، أو على آخر يكون مع المقيم أو الصحيح، فإن رأى ذلك المسافر وحده أو المريض، وخالفه الآخر نظر السلطان، وكذلك إن لم ينظر المسافر أو المريض في شيء من ذلك فعلى الآخر الرفع إلى السلطان، وفي الجواهر: إذا أوصى لرجلين نزل الإطلاق على التعاون إلا إذا صرح بالاستقلال، وإذا لم يثبت الاستقلال فمات أحدهما استقل الآخر، إلا أن يخشى عجزه فيقام معه غيره، وكذلك إذا لم يكن ظاهر العدالة استظهر معه بغيره، وإذا أوصيا جميعاً عند الموت إليهما صح، ومهما اختلفا في التصرف أو حط المال تولى الحاكم التنازع فيه. فرع: في الكتاب: لا يبيع الوصي عقار اليتامى ولا العبد الذي يحسن القيام بهم إلا أن يكون لبيع العقار وجه نحو الغبطة في الثمن أو لا كفاية في غلته أو حاجة للنفقة، ولا يشتري لنفسه من تركة الميت، ولا يوصي في ذلك للتهمة في المحاباة، فإن فعل تعقبه الإمام، وأرخص مالك في حمارين من حمر الأعراب قيمتهما ثلاثة دنانير اجتهد فيها، له أخذهما بالعطاء لقلة الثمن، قال صاحب التبيهات: قوله: إذا اشترى لنفسه نظر السلطان، ظاهره: ينظر الآن فإن لم يكن فيه فضل نظر يوم البيع بالقيمة والسداد، وقال عبد الملك: ينظر فيه يوم الشراء، قال ابن يونس: لا يباع الربع إلا في ثلاثة أوجه: دين على الميت، أو حاجة لهم، أو خوف الخراب؛ لأن العقار مأمون ينتفع به على وجه الأبد فتبديله بالنقد مفسدة، وقال بعض أصحابنا: للأب بيع عقار ابنه الصغير بخلاف الوصي لمزيد الشفقة كما يزوج الصغير دون غيره، ولا يهب الوصي ربع الصبي للثواب؛ لأنه بيع، ولأنه لو فات عند الموهوب لم تكن عليه إلا القيمة، وللأب هبة مال ولده للثواب لما تقدم، قال ابن يونس: الوصي العدل كالأب يجوز له ما يجوز للأب؛ لأنه خليفته، ولا يبيع الأب العقار إلا على وجه نظر. قال ابن بشير: لا يوكل الحاكم من يبيع مال اليتيم إلا بعد ثبوت سبعة شروط: يتمه، وأنه ناظر، وحاجته، وأنها لا تندفع إلا بالبيع، وأنه ملك اليتيم لم يخرج عن يده، وأن المبيع أحق ما يباع عليه، وحصول السداد في الثمن. وليس للوصي بيع عقار اليتيم إلا لأحد ستة أوجه: الحاجة، والغبطة في الثمن الكثير، أو بيعه لمن يعود عليه بنفع، أو له شقص في دار لا تحمل القسمة فدعاه شركاؤه إلى البيع أو دار واهية، ولا يكون له ما يقوم به أو له دار بين أهل الذمة، قال اللخمي: ينفق الوصي بحسب كثرة المال وقلته، ولا يضيق على من ماله كثير بل نفقة مثله وكسوته، ويوسع عليه في الأعياد، ويضحي عنه من ماله إلا أن يضر ذلك بماله، وينفق عليه من ختانه وعرسه، ولا حرج على من دعي فأكل؛ لأن هذه الأمور تصرف الرشاد والحاجة داعية إليها عادة وشرعاً ويضمن ما أنفق في ذلك وغيره من الألفاظ، ويجوز إن يدفع له من النفقة نحو الشهر فإن خيف منه الإتلاف فيوم بيوم، ويجوز إن يتجر له، وليس عليه ذلك لقوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) مفهومه: أن ما ليس بأحسن لا يجوز وما هو أحسن يجوز، وله إعطاء ماله قراضاً؛ لأنه من سداد العقلاء، وإن يسلم له ويداين، ولا يسلف ماله لأنه معروف لا تنمية فيه إلا أن يتجر له فيسلف اليسير مما يحتاج إليه مع الناس، وله السلف إذا رأى ذلك نظراً لتغير السوق فيما يباع له أو نحو ذلك. وتكون المداينة معلقة بعين ذلك المال، قال ابن يونس: قال مالك: ويحج به قبل البلوغ؛ لأنه تحصيل أجور مطلوبة للعقلاء، وله أحجاجهم بعد حجة الإسلام بعد بلوغهم، ويزكى مال اليتيم ويخرج عنه وعن عبده زكاة الفطر، ويضحي عنه، قال أبو محمد: وهذا إذا أمن أن يتعقب بأمر من اختلاف الناس، وفي الجواهر: له إبضاع مال اليتيم براً وبحراً، ومنع أشهب أن يكون هو عامل قياساً على بيعه من نفسه بجامع التهمة، وأجازه غيره بما يشبه قراض مثله كشرائه له وكل ما فعله على وجه النظر جاز، أو على غير وجه النظر لا يجوز، وينبغي أن يشتري مما تحت يده شيئاً للتهمة. إلا أن يكون البيع في ذلك بيع السلطان في ملك الناس، وقال ابن عبد الحكم: لا يشتري ويدس من يشتري إذا لم يعلم إنه من قبله، ومنعه ابن القاسم في الكتاب إلا بإذن الإمام، ولا يقسم على الكبار إذا كانوا أغنياء حتى يأتي السلطان لاحتمال التلف. وأجازه أشهب في غيبتهم، ورده سحنون، قال ابن القاسم: ولا ينبغي إن يقسم على الأطفال، ولكن يأتي السلطان فيقسم عليهم، فإن لم يأته وفعل جاز إذا عدل، وإذا قضى بعض الغرماء من التركة وبقي ما يفي ببقية الدين جاز، فإن تلف باقي المال فلا شيء لباقي الغرماء عليه ولا على الذين أخذوه، فإن قضى الغرماء جميع المال ثم أتى غريم وكان عالماً به أو كان الميت موصوفاً بالدين ضمن ما كان يحصل له في المحاصة لتفريطه. ويرجع على الذين اقتسموا، وإذا لم يكن عالماً ولا الميت موصوفا بالدين فلا شيء عليه، ومتى دفع الدين بغير إشهاد ضمن، فإن شهد وطال الزمن حتى مات الشهود فلا شيء عليه. نظائر: قال العبدي: يعتبر اليسير في نيف وعشرين مسألة: هبة الوصي من مال اليتيم إذا كان نظراً، والعبد من ماله، والغرر في البيع، وفي العمل في الصلاة، والنجاسة تقع في الإناء على الخلاف، وفي الطعام، وفي الماء اليسير ولم يتغير، وفي نصاب الزكاة لا يمنع وجوبها، وفي الضحك في الصلاة ونقصان سببها، وفي المرض لا يمنع التصرف، وفي العيب لا يرد به، وكذلك إن حدث عند المشتري لا يرده إذا رد، وإذا زاده الوكيل على ما أقر به لزم الأمر، وإذا زاده أحد الشركاء على صاحبه لا تفيد الشركة سوى الأموال والأعمال، وإذا كان التفاوت بين السكتين يسيراً لا تمنع الشركة، وينفذ شراء السفيه ليسير لنفسه، ويقرأ الجنب اليسير ويكتب يسير القرآن إلى العدو ويقرأ المصلى كتاباً في الصلاة ليس قرآناً إذا لم ينطق به، وكذلك إنصاته للمخبر في الصلاة وفي بدل الناقض بالوازن، وفيما إذا باع سلعة بدينار إلا درهمين إلى أجل، وفي الصرف في المتجر ووصي الأم يصح فيه دون الكثير، ويغتفر عند انفصال الشريكين إذا بقي ثوب على أحدهما يسير القيمة، وكذلك عامل القراض، والزوج تجب عليه الكسوة إذا كان بقي على المرأة يسير الثمن، ويشترط على المغارس العمل اليسير دون الكثير، وكذلك المساقي وعامل القراض على رب المال، وفي الأخذ من طريق المسلمين إذا لم يضر، ويترك للمفلس من ماله نحو نفقة الشهر. فرع: في البيان: قال ابن وهب: يكسر الوصي الشطرنج ويبيعها حطباً إن كان السلطان عالماً وإن خاف شاوروه. فرع: قال: قال ابن القاسم: إذا أنفقت التركة على الأيتام ثم طرأ دين ولهم مال آخر ورثوه من أمهم، لا يؤخذ منهم شيء؛ لأنهم لم يتعدوا. قال أصبغ: تفض النفقة كالمال فتسقط حصة مال أبيهم؛ لأن السنة أن ينفق عليهم فيما أنفق عليهم في جميع أموالهم، وفيها أربعة أقوال: قول ابن القاسم المتقدم وهو السقوط مطلقاً، ويرجع عليهم فيما أنفق الوصي من التركة؛ لأن الميراث بعد الدين، ويتبعون به ديناً في الذمة إن لم يكن لهم مال، قاله المخزومي، ومن التركة إن كان لهم مال وإلا فلا. وقول أصبغ المتقدم وقول ابن القاسم مبني على أن الدين لا يتعين في التركة بل في الذمة، وقول المخزومي على إنه متعين، والآخران استحسان. فرع: في الكتاب: للوصي تسليف الأيتام، ويرجع عليهم إن كان لهم يوم السلف عرض أو عقار، ثم يبيع ويستوفي، وإن لم يكن لهم مال وقال: أتسلف وأرجع إذا أفادوا مالا فليس له ذلك، ونفقته حسبة لا يرجع بها وإن أفادوا مالا. فرع: قال: قال ابن دينار: إذا اشترى الوصي بمال اليتامى منزلاً لهم ثم يموت فيقول الذكور: يقسم للذكر مثل حظ الأنثيين، وكذلك اشتري لنا، ويقول الإناث سواء، وجهل الحال: أن اشتري لهم من عرض أموالهم صدق الإناث؛ لأن الأصل: عدم التفاضل أو بجميع المال صدق الذكور لأنهم كذلك ورثوه، وإن كان الوصي حياً قبل قوله بينهم لأنه المباشر الأمين، وقد يتسلف من مال أحد الفريقين للآخر، وذكر ابن زرب خمسة أقوال كالخلاف فيمن أوصى لحمل فولدت ذكراً وأنثى تصفين بحسب الميراث، سبعة أسهم، للأنثى ثلاثة، وللذكر أربعة؛ لأن أقصى ما يكون للذكر الثلثان وللأنثى النصف. وخمسة أسهم للذكر ثلاثة؛ لأنه أقل ما يمكن إن يكون لكل واحد منهما، يكون له ثلاثة من ستة، ولها اثنان من ستة، ويقتسمان السادس نصفين على سبيل التداعي إن ادعيا العلم أو الظن أو أحدهما، وهذا الخلاف إنما يحسن إذا جهلت كيفية الشراء، أما لو ادعى كل واحد الشراء على دعواه فلا يحسن إلا قولان: يقسم أسباعاً بعد أيمانهما: لمدعي الثلثين أربعة وهو المشهور لمالك، أو للذكر النصف لأنها لا تنازع فيه، ولها الثلث لعدم المنازعة فيه، ويقتسمان السدس نصفين بعد أيمانهما وهو المشهور عن ابن القاسم. فرع: قال: إذا كان الوصي وارثاً فللورثة النظر معه خشية أن تكون وصية لوارث، ومتى كان غير وارث فليس لهم ذلك إلا فيما تبقى علقته للوارث كالولاء في العتق فقد يرث من لا ولاء له كالبنات والأخوات والزوجات والأمهات والجدات، ويكون الولاء لمن ينجز إليه الولاء كان وارثاُ أم لا، ويلحق بالعتق: الإخدام والتعمير والحبس فحق الأولين لجميع الورثة؛ لأن المرجع إليهم وحق الحبس لأقرب الناس بالمحبس؛ لأنه الذي يرجع إليه الحبس على ما تقدم تفصيله في كتاب الحبس، وهذا في الوصي المأمون، أما غيره فيكشف عن الوصايا كلها. فرع: قال: إذا قال الموصي: اجعل وصيتي حيث شئت فله جعلها في أقارب نفسه دون ذرية الموصي لئلا تكون وصية لوارث، فإن فعل ذلك قال مالك: ترجع ميراثاً، ولا يجبره الإمام على جعلها في وجه آخر لأنه خيره. فرع: قال: قال مالك: إذا أوصى له بولده وترك ثلاثمائة دينار فصارت ستمائة بالتجر، ثم ظهر دين ألف: يدفع الستمائة في الدين؛ لأن الوصي لو أنفقها قبل لم يضمنه، ولو كان الورثة كباراً غير مولى عليهم فلهم النماء وعليهم النقصان، وكذلك ما غابوا عليه من العين؛ لأنهم ضامنون بخلاف الوصي ولا يضمون الحيوان كالرهان والعواري. وقال المخزومي: النماء للأيتام والضمان عليهم كالمتروك عيناً أو عرضاً لظهور التعدي، وفرق عبد الملك بين العين فيضمنون وبين العرض فلا يضمنون، والخلاف ينبني على الخلاف في الدين الطارئ هل هو في عين التركة أم لا؟ فرع: قال: قال مالك: أوصى أن يجعل ثلثه حيث يراه الله فيجعله في وجه فله الأخذ إن اتصف بصفة ذاك الوجه؛ لأنه من جملتهم، وليس له الأخذ إن اتصف بغيرها لأنه أداه اجتهادها إليه فتعين، فليس له العدول عنه إلى غيره، وإن كان الوصي وارثاً فلا يصرف شيئاً حتى يعلم الورثة ويحصرهم. فرع: قال: قال مالك: إذا وجد الصبي في التركة خمراً فلا يكسرها حتى يعلم الإمام؛ لأنها مسألة اجتهاد في التخليل، أما الخنزير فيقتله بغير إذن الإمام؛ لأنها مسألة اجتهاد في التخليل، أما الخنزير فيقتله بغير إذن الإمام؛ لأنه يقتل إجماعاً وقيل: يخلل الخمر. فرع: قال: قال مالك: لا يثبت الإيصاء بالشاهد واليمين والوكالة وشاهد الفرع، وكذلك لا تثبت هذه الثلاثة بامرأتين ورجل. نظائر: قال العبدي: الذي لا يثبت بالشاهد واليمين ثلاثة عشر: النكاح، والطلاق، والعتق، والولاء، والأحباس، والوصايا لغير المعين، وهلال رمضان، وذي الحجة، والموت، والقذف، والإيصاء، ونقل الشهادة، وترشيد السفيه، والتي تثبت بالشاهد واليمين أربعة: الأموال والخلطة والكفالة والقصاص في جراح العمد. والتي اختلف فيها هل تثبت بها أم لا خمسة: الوكالة ونكاح امرأة قد ماتت، ونسب الرجل إذا مات، وثبوت مال الرجل على ولائه، والتجريح والتعديل. فرع: في الكتاب: لا يبيع الوصي على الأصاغر التركة إلا بحضرة الأكابر لتعلق حقهم، فإن بعدت غيبتهم والتركة عرض أو حيوان رفعه للإمام فيأمر من يلي معه البيع؛ لأنه وكيل الغائبين. فرع: في الكتاب: لا يؤخر الوصي الغريم بالدين إن كان الورثة كباراً؛ لأنه من نوع التبرع كالقرض، ويجوز إن كانوا صغاراً على وجه النظر، ومنع ذلك غيره مطلقاً لما تقدم، ولأن ذمة الغريم قد تخرب. قال صاحب النكت: قال بعض القرويين: إنما يكون له تأخير الغريم الحالف والورثة صغار إن كان على وجه النظر مثل إن يكون الحالف لا بينة عليه يخاف جحده أو كثير الدين إن طلب قام غرماؤه ووقع الحصاص. وإذا أخره رجا أخذ جملة الدين. فإن أخره لحلفه فقط أمتنع، ولا يبرأ بذلك الحالف، فإن لم يكن لهم فيه منفعة ولا ضرر بر، وكذلك إذا كان التأخير مختلفاً فيه هل فبه حسن نظر أم لا فيجوز، قاله محمد وشيوخنا. قال ابن يونس: قال يحيى: لا يجوز تأخير الغرماء إلا أن يبرؤا ذمة الميت ويتبعوا غريمه. قال أبو محمد: وإنما يجوز تأخير الوصي للحالف: لأقضينك إن تؤخرني إذا كان الورثة صغاراً، ويبرأ الحالف بذلك وهو نظر للصغار، وللوصي البيع بالدين ويحتال بدين اليتيم للمصلحة، ولا يأكل من مال اليتيم إلا أن يصيب من اللبن أو التمر. قال مالك: وغير ذلك يكره، وقيل: إن كان مشغولاً بماله فليأكل بقدر عمله إن كان محتاجاً والترك خير، وللأب إن يأكل من مال ولده ما يحكم له به، ولا يركب دابة اليتيم ولا يسلف ماله. فرع: قال ابن يونس: إذا أوصى أن يجعل ثلثه حيث شاء فأعطاه لابنه وأقاربه كما يعطى الناس جاز، وأكره أن يأخذ لنفسه، قاله ابن القاسم، وقال مالك: لا يأخذ وإن كان محتاجاً، بخلاف ولده المحتاج؛ لأن قرينه الخطاب بخروجه دون غيره. قال مالك: ولا يعطى أقارب الميت إلا كما يعطى الناس؛ لئلا يكون وصية لوارث فإن صرف الميت إلى اقاربه أو اخوته فلم يجز الورثة رجع ميراثاً، فإن أوصاه بصرفه في أفضل ما يراه وأقربه إلى الله تعالى: قال أصبغ: يتصدق به. وقال مالك: الصدقة أفضل من العتق، والعتق أفضل من الحج إن كان صرورة. قال اللخمي: إذا قال ثلثي يجعل حيث يرى زيد فمات زيد قبل إنفاذ ذلك: أقام الحاكم من يرضاه يضعه حيث يرى. فرع: قال اللخمي: يعزل الوصي إذا اطلع منه على خيانة أو بله أو تفريط. أما العجز لكثرة المال فيقوى، فإن كانت امرأة تزوجت لا تنزع بنفس التزويج ويكشف عن حالها وحال الزوج والمال والأيتام، قال مالك: إن عزلت الولد في بيت وأقامت لهم بما يصلحهم فهي أولى، فإن امتنعت نزعوا منها، ولو قال الميت: إن تزوجت فانزعوهم فتزوجت، لم ينزعوا منها لأنه لم يقل: فلا وصية لها، قال ابن القاسم: والمال إن كان يسيراً وهي مستورة الحال لم ينزع فيها، أو كثيراً وهي مقلة يخاف منها أخذ منها وهي على الوصية على كل حال إلا إن كانت مأمونة بارزة ويؤمن على المال عندها في تزويجها في الحزم والدين والستر فيقر في يدها. وإن كانت على غير ذلك انتزع ووقف على يد عدل وتبقى وصية، ويراعى حال الزوج فليس الموسر كالفقير ولا المعروف بالنزاهة كغيره. فرع: في الكتاب: إذا شهد الوارثان أن أباهما أوصى لفلان جاز، قال غيره: إذا لم يجرا بذلك نفعاً لأنفسهما وإلا فلا، وإن شهد امرأتان ورجل على الموت: فإن لم يكن للميت زوجة ولا أوصى بعتق عبيده وليس إلا قسمة المال جاز ذلك؛ لأن القاعدة: أن الشهادة على أحكام الأبدان إذا كان مقصودها الأموال على المذهب. وقال غيره: لا تجوز لأن الموت حكم بدني، قال صاحب التنبيهات: معناه: أن الموت ثبت بشهادة غيرهم، وإنما شهدوا بالموارثة، قال ابن يونس: قال ابن القاسم: إذا أقر وارث بوصية لرجل حلف معه إن كان عدلا وأخذها، وإلا أخذ من حصة المقر ما ينوبه إن كان غير مولى عليه. وكذلك إقراره: أن هذا وديعة عند موروثه، فإن أقر عدل وعليه من الدين ما يغترق ماله فأنكر غرماؤه الوصية إن كان إقراره قبل القيام عليه بالدين: جاز لعدم الحجر، وكذلك إقراره بالوديعة. فرع: في الكتاب: أوصى لأم ولده بشرط عدم الزواج فإن تزوجت عزلت، وكذلك إن أوصى لها بألف على أن لا تتزوج فتزوجت تردها. قال صاحب التنبيهات على ما في السليمانية: لا يجوز أن يوصي لها على أن لا تتزوج؛ لأنه بيع وسلف، وإذا شرط: إن تزوجت سقط إيصاؤها: يسقط بالعقد دون الدخول؛ لأنه زواج، قال صاحب النكت: إذا باعت أو أعتقت رجع عليها بالقيمة كالزوجة تفعل ذلك، ثم يطلقها قبل البناء، وقيل الثمن إن ضاع بأمر من الله تعالى لم يضمنه. قال التونسي لم يجعل الإيصاء بالألف بيعاً وسلفاً لأنها تنتفع بالمال عوض امتناعها من الزواج، ومتى شاءت تزوجت وردت. فرع: في الكتاب: إذا قال الوصي دفعت للأيتام أموالهم بعد البلوغ والرشد لم يصدق إلا ببينة؛ لأن الله تعالى لم يجعله أميناً على الدفع بل على الحفظ فقط لقوله تعالى: (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) فلو كان أميناً لا يستغني عن البينة، ولأنه دفع إلى غير من ائتمنه وهو الوارث، ويصدق في الإنفاق على من كان في حجره فيما يشبه؛ لأنه أمين عليه، فإن ولى النفقة غيره لم يصدق في دفع النفقة إلى من يليهم إلا ببينة؛ لأنه ليس أميناً على الحاضن. قال ابن يونس: قال مالك: إذا طال الزمان بعد الرشد نحو عشرين سنة وهو مقيمون معه لا يطالبونه ولا يسألونه عن شيء: صدق مع يمينه؛ لأن العادة تصدقه. قال محمد: فإن كانوا عند غيره أو هم أغنياء وريئ ينفق عليهم: صدق في الزيادة اليسيرة دون السرف مع يمينه فإن ادعى سرفاً حسب منه السداد، كما لو شهدت بالسرف بينه، ووافقنا (ش) في عدم التصديق على الدفع بعد البلوغ، وصدقه (ح) قياساً على تلف المال، ولأنه أمين، وقياساً على الإنفاق. والجواب عن الأول: أنه أمين على الحفظ فائتمن على التلف لأنه فائدة الائتمان على الحفظ، وليس فائدة الحفظ الدفع لغير من ائتمنه. والجواب عن الثاني: أن أمانته مقصورة على الحفظ بدليل الأمر بالإشهاد على الدفع. والجواب عن الثالث: أنه في اللإنفاق متعذر بخلاف الدفع. فرع: في الجواهر: إن نازعه الولد في تاريخ موت الأب؛ لأن به تكثر النفقة صدق الصبي؛ لأن الأصل: عدم إنفاق ما يدعيه الوصي من النفقة، وإقامة البينة عليه ممكنة. فرع: قال البصري: في تعليقه إذا كان الوصي عدلاً لا يفتقر تنفيذ وصيته إلى حكم حاكم، وجميع تصرفه صحيح، وقاله (ش) وقال (ح): إن لم يحكم حاكم فبيعه وشراؤه للصبي منقوض، ويقبل قوله في الإنفاق. لنا: القياس على النفقة ولأنه يوكل بغير حاجة إلى الحاكم، فكذلك بيعه. وأصلها: قوله عليه السلام في الموطأ: (أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام فهي على قسم الإسلام). وقوله عليه السلام: (الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) في الصحيحين: (وقسم عليه السلام الغنائم) وقال تعالى: (إذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفاً) وقوله تعالى: (أن الماء قسمة بينهم كل شرب مختصر) والإجماع على جوازها في الجملة. وفيه نظران: وهي ثلاثة: الركن الأول: القاسم، وفي الكتاب: الحاكم يقاسم عل الغائب مع الحاضر في جميع الأشياء، ويجوز نصيبه بخلاف الدعوى عليه في ربعه كان الحاضر شريكاً أو موصى له؛ لأن للحاكم النظر في المصالح العامة وصون أموال الغائبين، ولا يجوز قسم صاحب الشرط لعدم ولايته على ذلك فهو كالأجنبي، قال ابن يونس: قال أشهب: يوكل القاضي في ذلك ولو بأجرة؛ لأنه قد تتوقف المصلحة عليه، وعن مالك: جواز قسم صاحب الشرط العدل؛ لأنه والٍ من حيث الجملة. فرع: في الكتاب: يقاسم على الصغير الأب والوصي كل شيء، ولا يقسم الوصي بين الصاغر حتى يرفعه للإمام فيراه نظراً لعظم الخطر في القسمة من غير ضرورة، فإن كان معهم أكابر استحب الرفع للإمام احتياطاً للصغار. فإن قاسم الكبار دون الإمام جاز إذا اجتهد وأحضر الأصاغر أم لا لسلطان الأكابر على إقرار ملكهم مع عدم الضرر، ولو غاب أحد الأكابر امتنع قسم الوصي عليه لأنه ليس تحت نظره، ولا يقسم للغائب إلا الإمام أو نائبه؛ لأنه الناظر في الأمور العامة، ويجعله تحت يد أمين. في التنبيهات: في الواضحة: تجوز مقاسمة الوصي كالأب ولا مدخل للقاضي معه. وقال أشهب: إذا لم يدخل عليهم الوصي مرتفقاً لا يقسم، فإن فعل مضى، وفي الكتاب: مقاسمة الوصي للصغار مع الكبار تمضى على الاجتهاد كسائر تصرفاته، والأحسن: الرفع للقاضي فيبعث من يقسم، وقال في آخر الكتاب: يقسم الوصي على الصغار كل شيء فقوله على الصغار ظاهره أنه مع أجنبي لذكره أول المسألة إياهم مفردين، وقال ابن شبلون: مذهبه في الكتاب على ثلاثة أوجه: الصغار وحدهم لا يقسم بينهم إلا بأمر السلطان، أو معهم كبار استحب الاستئذان وإن لم يفعل مضى، أو مع أجنبي جاز القسم من غير استئذان. فرع: في الكتاب: إذا قسم للصغير أبوه فحابى امتنعت محاباته وهبته وصدقته في مال ابنه الصغير؛ لأن ماله معصوم، وإنما جعل له النظر بالمصلحة لعجزه بالصغر ويرد ذلك بعينه، وإن كان صدقة والأب موسر، فإن فات بيد المعطى له وتلف: ضمنه الأب إن كان موسراً يوم الخصام لأنه المتعدي، ولا يرجع على الأجنبي لأنه التزم تمليكه، فإن كان معدماً رجع الولد على المعطي لتلف المال تحت يده بغير سبب شرعي، فإن كان الأب والمعطي معدمين اتبع الولد أولهما يسراً بالقيمة لوجود السبب من الوالد، ووضع اليد من الأجنبي وهما سببا ضمان، ولا يرجع المؤدي منهما على صاحبه؛ لأنه غرم عن نفسه، ولو أيسر الأب أولا لم يتركه الابن ويتبع الأجنبي، كما ليس له ذلك في يسارهما؛ لأنه المتعدي الأول. ولو أعتق الأب غلام ابنه الصغير موسراً يوم العتق جاز وعليه الثمن في ماله؛ لتشوف الشرع إلى العتق، وحمل تصرفات العقلاء على الصحة ما أمكن فكأنه اشتراه من ابنه للعتق، (ولأنه معاوضة حصلت له) ولأن العتق بخلاف الهبة والصدقة فإن كان معسراً يوم العتق رد صوناً للمال عن الضياع، إلا أن يتطاول ذلك وتتزوج الحرائر، وتجوز شهادته فيتبع الأب بالقيمة؛ لأن ذلك مثل الفوات في البيع الفاسد. قال ابن يونس: أمضى ابن الماجشون الصدقة إن كان موسراً ويغرم القيمة، ويرد إن كان معسراً ورد العتق إن طال لبطلان التصرف في أصله وعدم الرجوع للعتق بخلاف الصدقة لتعلق حق الغير بها. وأمضى أصبغ ذلك كله وإن كان معسراً، ويتبع بالقيمة حملاً لتصرفه على الصحة بالضمان، والقاعدة المشهورة: حمل تصرفات العقلاء على الصحة ما أمكن؛ لأنه ظاهر حالهم، وقوله: أعتق غلام ابنه يريد على نفسه لا عن الصبي. فرع: لا ينفذ قسم وصي المرأة على ابنها؛ لأن وصيتها عليه باطلة فهو أجنبي. قال ابن يونس عن مالك: أيتام لا وصي لهم ولهم أم أو عمة أو أخ رشيد أو غيره ممن احتسب فيهم من الأجنبيين فكفلهم بغير أمر سلطان: يجوز منه ما يجوز من الوصي من المقاسمة والبيع والتزويج والإنفاق والتضحية وحيازة الصدقة منه أو من غيره، وقاله ابن القاسم فيمن يلي اللقيط. فرع: في الكتاب: يمتنع قسم الأب على ابنه الكبير وإن غاب لاستقلاله بنفسه، وأمر الغائب للإمام؛ لأنه الناظر في الأمور العامة لعموم سلطانه، ولا لأم على الصغير لعدم ولايتها عليه إلا أن تكون وصية، ولا لكافر على ابنته البكر كما لا يزوجها، ويجوز قسم ملتقط اللقيط لقوة سببه بالالتقاط فهو إجبار كالإيجار من الأب، بخلاف الأخ المكتشف لأخيه الصغير فإنه كالأجنبي، ولا الزوج لزوجته البكر لعدم الولاية. قال صاحب التنبيهات: قال سحنون: قوله في ملتقط اللقيط والأخ خلاف عن مالك، (وعن مالك) يقسم الأخ لإخوته الأيتام فلا تكون أقواله اختلافا، بل الجواب فيها واحد إذا كانت الصفة واحدة من وجود الحضانة وعدمها. فرع: في الكتاب: تجوز أرزاق القضاة والعمال إذا عملوا على الحق، وما تعب فيه الإمام من أمور الناس: فالرزق فيه من بيت المال؛ لأنه معد للمصالح العامة، وأكره لقاسم القاضي والمغنم أجراً لأنه يفرض لهم من أموال الأيتام وسائر الناس، كما أكره ارتزاق صاحب السوق من أموال الناس، ويجوز إرزاق القسام من بيت المال واستئجار الشركة أو أهل المغنم لهم، وقاله (ش) و(ح) والأجرة على جميع من طلب القسم ومن أباه، وقاله (ش) وابن حنبل، وقال (ح): يختص الطالب لاختصاص الغرض والمصلحة. وجوابه: أن لتبي يجب عليه تسليم ما اختلط بملكه من ملك الطالب، والتسليم يتوقف على القسم، وما توقف عليه الواجب واجب فتجب أجرة القسم، وكذلك أجرة كاتب الوثيقة. في التنبيهات: ذلك كله ثلاثة أقسام: يجوز من بيت المال، وتحرم بقرض من أموال اليتامى والناس قسموا أم لا، وبه علل في الكتاب، واستئجار من يحتاجهم من الناس جائز، وعنه الكراهة في كتاب ابن حبيب، ورأى الأفضل التبرع، وهو ظاهر الكتاب لقوله: وقد كان خارجة ومجاهد يقسمان بغير أجر، وقد تكون كراهة لقسام الغنائم والقضاة من هذا، وأجرة الوثيقة على الرءوس قاله في كتاب الأقضية؛ لأن ضبط القليل والكثير مستو في الكتابة، وقال أصبغ: على قدر الأنصباء؛ لأن الكتابة وسيلة والوسائل تتبع المقاصد، وفي الكتاب: منها على الموضوع على يديه المال، وعنه: ليس عليه شيء. قال سحنون: الجعل عليه دونهم؛ لأن المنفعة له ومعنى المسألة إن كان فيها عمل الفريضة وحساب وقبض يجب عليه وعليهم اتفاقاً؛ لأن المنفعة للجميع، ولولا عمل الحساب لم تحقق الأنصباء، وإن لم يكن إلا مجرد القبض فهذا موضع الخلاف لمنفعة القابضين بالإشهاد أنه كان وديعة أو قراضاً حتى لا تتوجه دعواه عليهم بعد ذلك، وانتفاعه بالإبراء فكان على جميعهم، وعلى مذهب سحنون لا يلتفت إلى منفعته بالإبراء. قال ابن يونس: قال ابن حبيب: إذا أرزق القاسم من بيت المال حرم أخذه من المقسوم له كالقاضي المرتزق، ولأنه عمل وجب عليه بالإرزاق، وأجرة الواجب حرام. نظائر: قال ابن عمران: ستة مسائل تختص بالرءوس دون الأنصباء: أجرة القاسم وكنس المراحيض، وحارس أعدال المتاع، وبيوت الغلات، وإجارة السقي على المشهور، وحارس الدابة، والصيد لا يعتبر فيه كثرة الكلاب، وثلاث مسائل تعتبر فيها الأنصباء: الشفعة والفطرة عن العبد المشترك، والتقويم في العتق وزاد العبدي في الأولى: كنس السواقي، ووافقنا الأئمة في القاسم، وللشافعية قولان، ومنشأ الخلاف: هل يلحق بالشفقة على الملك وهي على الأنصباء اتفاقاً كالعمارة وغيرها، ولأن الأجرة قد تكون مائة درهم والأرض لاثنين لأحدهما نصف ذراع فينوبه خمسون لعلها أكثر من قيمة الذراع الذي ينوبه، أو يلاحظ الاستواء في العمل والحساب، وأن قلة النصيب توجب كثرة العمل؛ لأنها تقع على أقل السهام، وفي الجواهر: أجرة الوثيقة على الرءوس الطالب لها والأبي. وقال أصبغ: على الحصص. فرع: في الجواهر: يكفي في القسم واحد، والأفضل: اثنان واشترطهما أبو إسحاق، وللشافعية قولان، ومنشأ الخلاف: هل القاسم يجري مجرى الحاكم؟ وهو المشهور عندهم وعندنا، والحاكم يكفي منه واحد إجماعاً، أو يجري مجرى الشهادة. ولابد فيها من العدد. فرع: في النوادر: قال ابن حبيب: لا يأمر الحاكم بالقسم إلا من هو عنده مأمون بصير. وقال الشافعية وابن حنبل: يشترط في منصوب الإمام الحرية والعدالة والتكليف والذكورة؛ لأنه حاكم وعلمه بالمساحة والحساب والتقويم، ولا يشترط في منصوب الشركاء: العدالة والحرية لأنه وكيل، ولم أر لأصحابنا ما يخالف هذا. قال ابن حبيب في النوادر: وإذا أخبر الحاكم بما فعل قبله منه بغير بينة إذا رآه صواباً ينفذه على الصغير والغائب بقوله وحده؛ لأنه حاكم لنيابته عن الحاكم، ولا يبعث من لا ترضى حاله، ويبعث معه من المرضيين من لا يدري صواب القسم فإن شهادتهم على فعل لا يعلمون صوابه فلا يسوغ تنفيذه، ولا ينبغي للقاضي أن يأمر القاسم المرضي بالإشهاد على القسم حتى يأتيه مكتوباً وينظر فيه، فإن رآه صواباً سأل الأكابر عن عمله، فإن عارضوا فيه بشيء نظر فيه وإلا أمضاه. فرع: في النوادر عن مالك: إذا قسم بأمر القاضي فأنفذه القاضي أو أشهد به تجوز شهادة هذا القاسم بينهم إذا اختلفوا إن ذكر الحاكم أنه أمره بذلك وتكفي شهادته وحده، وقاله (ش)، وقال عبد الملك: وكذلك كل ما لا يباشره القاضي من الفعل كالإحلاف والكتابة والنظر للغائبين؛ لأن فعل نائبه كفعله كانوا مرتزقين أم لا. قال ابن حبيب: فإن لم يكن الحاكم أمره، وإنما أمره من خرج من الحاكم أو الشركة امتنعت شهادته ولو مع غيره، وقاله (ش) لأنها على فعل نفسه، وسمع (ح) شهادته دون قوله، وقال ابن حنبل: تقبل شهادته إلا أن يكون تاجراً فتتأكد التهمة بتحصيل الأجرة وتنفذ عن الحاكم، ويحتاج عندنا إلى اثنين غيره إن القاضي أمره أو ارتضاه الورثة وألزموا أنفسهم قسمه بعد القسم، وكذلك العاقد والمحلف ومن ذكر معهم، ولا تجوز شهادتهم عند غير الذي أمرهم ولا وحدهم ولا مع غيرهم للتهمة في تصحيح أفعالهم كما لا تجوز شهادة القاضي المعزول فيما يذكر أنه حكم به فلان، وهذا تفسير قول مالك، وقال سحنون: تمتنع شهادة قاسمين وإن استنابهم الحاكم للتهمة. فرع: قال الأبهري: يخير الإمام الشركة فيمن يقسم بينهم ويقدم من يرضوه إن كان رضي لأنه أصلح لذات البين وأقرب لمصلحتهم. الركن الثاني: المقسوم، وفي الكتاب: يقسم العبيد إذا انقسموا وإن أباه بعضهم، والجذع والثوب الواحد والثوب الملفق من المعدني وغيره قطعتين والباب والمصرعان والخفان والنعلان والرحى، لا ينقسم ذلك إلا بالتراضي لأن الإجبار على الفساد غير مشروع، والساعدان والساقان واليدان، والفص واليوقوتة واللؤلؤة والخاتم لا يقسم هذا كله لما في تفريقه من الفساد، فإن اجتمع من كل صنف عدد يحتمل القسم قسم كل صنف وحده، والغرارتان إن كان قسمهما فساداً لم يقسما وإلا قسما، والخرج والخبا إذا أبى أحدهما قسمه لم يقسم، والمحمل إذا نقص قسمة ثمنه لم يقسم إلا بالتراضي، وتقسم الجبة وإن أبى أحدهما كالطعام في التنبيهات: قوله في الجذع: لا يقسم. يعني: وإن احتمل القسم وانتفع به، وقيل: بل لأنه يحول عن حاله وإنما يكون القسم فيما لا يحول، وإنما يقسم بالعدد والمقدار، وأما ما يتغير بالنقض والتفريق ويحول عن حاله فلا، إلا في الرباع والأرض قاله أشهب قال: ولو كان القطع يصلح للثوب والخشبة لم يقسمها قال حمديس: إلا أن تكون الخشبة نخرة لا تصلح إلا للحطب فهذا لا يختلف فيه لعدم الفساد. قال ابن يونس: جوز أشهب قسم الخرج والحبل والساعدين ونحوهما على التراضي، والفص الكبير بالتراضي. قال اللخمي: إنما يصح قوله في الجذع والثوب والمصراعين والنعلين ونحو ذلك على أحد قوليه في منع قسم الحمام، وعلى قوله بالجواز: تقسم ولا يراعى فساداً ولا نقصاً في الثمن ولا تعطيل الاستعمال؛ لأن فساد الحمام وانتقاله عن مقصوده أشد ومنع الجميع أحسن صوناً للمالية عن الضياع، وأما الياقوتة ونحوها فيمتنع وإن تراضوا؛ لأنه من إضاعة المال. قاعدة: يمتنع القسم تارة بحق الله تعالى كالغرر في مشروعية القرعة في المتخلفات، فإن الضرر يعظم، أو الربا كقسم الثمار بشرط التأخير إلى الطيب لما يدخله من بيع الطعام بالطعام غير معلوم التماثل، فإن القسمة بيع أو نسيئة، فإن تباين الجنس الواحد بالجودة والرداءة ففي جوازه بالقرعة قولان، حكاهما اللخمي، أو لإضاعة المال كالياقوتة، وتارة بحق آدمي كقسم الدار اللطيفة والحمام والخشب والثوب والمصراعين، ولذلك يجوز بالتراضي؛ لأن للآدمي إسقاط حقه بخلاف حق الله تعالى، ومنع الأئمة قسم ما فيه ضرر، أو بغير نوع المقسوم، ومنع (ح) قسم الرقيق خلافاً ل (ش) لأن منافعه مختلفة بالفعل وغيره، فلا يمكن فيه التعديل. وجوابه: لو امتنع تعديله لامتنع بيعه وتقويمه في الإتلاف؛ لأنهما مبنيان على معرفة القيم وليس كذلك، وفي النوادر: عن عبد الملك: لا يقسم حيوان ولا عرض بالقيمة، بل يباع ويقسم ثمنه، وعنه: الجواز. فرع: في الكتاب: إذا دعي أحدهما لقسم الثوب لم يقسم بل يتقاوماه وإلا بيع تحصيلاً لمقصود كل واحد منهما من ملكه بحسب الإمكان فإذا استقر على ثمن فلمن أبى البيع أخذه وإلا بيع. فرع: تقسم الصبرة المغلوثة بخلاف صبرتين مختلفتين للغرر في الغلث واختلافه في القسم، والقسم بيع. فرع: في الكتاب: بينهما نقض دون القاعة تجوز قسمته تراضياً وبالقرعة، ويخير الممتنع لأنه كذلك، فإن أراد هذا النقض، ورب القاعة غائب رفع ذلك للإمام، فإن رأى شراء ذلك للغائب بقيمة النقض منقوضاً فعل؛ لأنه الناظر في أموال الغائبين، وإلا تركهم وتلوم للغائب ما أراد. فإن نقض دون الإمام فلا شيء عليهما؛ لأنه مالهما، وإذا بنيا في عرصتك بإذنك، ثم أردت إخراج أحدهما بعد مدة العارية إن قدرا على قسم البناء قسماً، وخيرت في المخرج بين إعطائه قيمة حصته أو أمره بقلعه، وإن لم ينقسم تقاوماه أو يبيعانه، فإذا بلغ الثمن فللمقيم في العرصة أخذ ذلك بشفعته بما بلغ. قال ابن يونس: قال سحنون: كيف يشتري السلطان للغائب وليس مجنوناً ومحجوراً عليه، ولعله يكره ذلك ومن أين يعطي الثمن. فرع: في الكتاب: لا تقسم الطريق إذا امتنع بعضهم نفياً للضرر، ويقسم الجدار إن لم يكن فيه ضرر، وقيل: لا يقسم، وإن كان لكل واحد عليه جذوع لم يقسم وتقاوماه، وتأول مالك قوله تعالى: (مما قل منه أو كثر) قال: ويقسم البيت الصغير وإن لم يقع لأحدهم ما ينتفع به، والأرض القليلة والدكان الصغير في السوق، إن كان أصل العرصة بينهما، والحمام والماجل وكل شيء عنده ينقسم خلافاً ل (ش) و(ح) قال ابن القاسم: وإنما لم يقسم الطريق والجدار مع الضرر لأنه لا كبير عرصة لهما فلا يقسمان إلا بالتراضي أو على غير ضرر، قال: وأنا أرى ما لا ينقسم إلا بضرر ولا يحصل منه منتفع من دار أو أرض أو غيرهما لا يقسم ويباع فيقسم ثمنه؛ لقول النبي عليه السلام: (لا ضرر ولا ضرار) وكذلك الماجل إلا أن يصير لكل واحد ماجل ينتفع به، ولا يقسم أصل العيون والآبار قبل شربهما بالقلد. في النكت: قيل في الجدار سترة بينهما لا يقتسمان أعلاه؛ لأنه قد يقع لأحدهما ما هو قبالة صاحبه فلا ينتفع به، وإنما يبني كل واحد منهما نصف جميع الحائط. قال صاحب التنبيهات: إنما تكلم في الآبار والعيون على الواحد، فإن أمكن قسم الجماعة واعتدلت قسمت، وقاله سحنون، وتأوله على الكتاب وحمله ابن لبابة على العموم واستدل بمخالفته في الجواب في المواجل، وحكى عن مالك المنع، ثم قال: وأما أنا فلا أرى ذلك للضرر إلا أن يكون لكل واحد ماجل، قال القاضي: وليس بحجة؛ لأنه إنما تكلم على ماجل واحد، وإذا كان كبيراً يصير منه مواجل، والبئر لا تكون منها آبار، ولا العين عيوناً، وقيل: إنما رأى ذلك مالك في الماجل؛ لأن لها عرصة ولا كبير عرصة للآبار والعيون من الأرض، وإذا قال في الحائط، وقد يكون منع قسم البئر اتباعاً للعمل؛ لأنه لم يسمع، قال ابن يونس: قال عبد الملك: لا يقسم الجدار إلا عن تراض صدراً كان أو حاملاً، قال مطرف: فإن كان بعضهم ينتفع بسعة سهمه من البيت ويضيف سهم غيره قسم كما قال مالك، ولا يمنع أحد الانتفاع بملكه لتضرر غيره، وإن لم ينتفع به أحد للقلة بيع وقسم ثمنه نفياً للضرر، ومنع عبد الملك إن ضاق على أحدهم نفياً لمطلق الضرر، وإن انتفع أقلهم نصيباً بوجه من وجوه النفع قسم، قال اللخمي: إذا اقتسما وتركا الطريق لا يقسم إلا أن يحصل لكل واحد منهما طريق معتبر لمثل تلك الدار، وقوله: لا يقسم الجدار إن كان لكل واحد عليه جذوع ليس يبين؛ لأن الحمل لا يمنع القسم كما لا يمنع قسم العلو السفل، وحمل العلو على السفل، قال: وأرى قسمة طائفتين على أن من صارت له طائفة الآخر عليه الحمل، بأن يأخذ أحدهما الجهة الشرقية والآخر الغربية لا القبلية والشمالية؛ لئلا يعم الحمل، وإن أراد يقسم الأعلى أن تكون أرضه شبرين قبل كل واحد شبر، وحمل الحائط على الشركة، أو يريد قسمه بعد الهدم فيقسم أرضه فيأخذ كل واحد ما يليه، ولا يقسم الماجل إلا إذا اتسع بأن يصير لكل واحد ما ينتفع به. قال أشهب: إذا قسمت الدار وترك الماجل لا يقسم، وإن لم يقسم قسم معها، يريد: إن صار الماجل في أحد النصيبين، ولم ير في ذلك ضرراً إذا اعتدلت القيمة، واختلف قول مالك في الحمام، وعدم القسم أحسن، ولو رضيا منعهما الإمام لحق الله تعالى في إضاعة المال، والخلاف في الدار إنما هو إذا كانت ميراثاً أو للقنية، أما للتجارة فلا تقسم اتفاقاً لتنقيصه الثمن وهو خلاف ما دخلا عليه. ويختلف في الساحة كالبيت أصلاً أو تركت بعد القسم. قال صاحب المقدمات: لم يتابع مالك على قسم الدار وإن لم يصر في نصيب كل واحد إلا قدر قدم، إلا ابن كنانة، وراعى ابن القاسم انتفاع كل واحد بنصيبه للسكن، ولم يراع نقصان الثمن، وإنما يراعى ذلك في العروض، وقيل: لا تقسم إلا أن يدعو إلى ذلك صاحب النصيب القليل، وقاله (ش) و(ح) لإسقاطه حقه، وقيل: يجبر عليه. فرع: قال: قيل: يجبر الممتنع من قسم الحبس عليه من الأعيان وينفذ بينهم إلى أن يحدث من الموت أو الولادة ما يغيره بزيادة أو نقص مستدلاً بقولهم: إن المحبس في مرضه على ولده وولد ولده أن الحبس يقسم على عدد الولد وولد الولد، وظواهر كثيرة تدل على ذلك، وقيل: لا يقول مالك في الكتاب: لا يقسم الحبس ولا يجزأ، وقيل: لا يقسم إلا أن يتراضى المحبس عليهم على قسمه قسم اغتلال. وقال الشافعية: إذا فرعنا على أن القسم بيع: امتنع قسم الوقف مع المطلق وإلا جاز. فرع: في الكتاب: يجوز قسم نخلة وزيتونة إذا اعتدلتا ورضيا فيأخذ هذا نخلة الآخر الأخرى من غير إجبار، ولأنهما جنسان، وإن لم يعتدلا تقاوماهما أو باعاهما مثل ما لا ينقسم من ثوب أو عبد، ومن دعي منهما للبيع جبر الآخر تحصيلاً للاختصاص بالملك؛ لأنه الأصل فإذا استقرا على ثمن فلكاره البيع أخذهما بذلك، قال صاحب التنبيهات: قيل: هذا نزوع من ابن القاسم إلى مذهب أشهب في جميع الصنفين بالسهم على التراضي، وابن القاسم يمنعه، وقد يكون هذا مثل الثمار المختلفة، وقد أنكر سحنون المسألتين معاً، وقيل: المراد هنا قسم المراضاة، وقيل: إنما جاز ذلك للضرورة فيما قل كما جاز في الأرض الواحدة بعضها رديء بخلاف الأراضي المفترقة، والدار بعضها جديد وبعضها رث بخلاف الدور، وكذلك قال ابن يونس: يريد بقوله: رضياً أي: بالقرعة، ولذلك شرط الاعتدال. فرع: في النوادر عن ابن حبيب: يجوز قسم الدين إذا كان على رجل واحد حضر الغريم أم لا كما لا يجوز بيعه، ومنع (ش) ذلك. قال: لأنه بيع للدين من غير من هو عليه، ولأنه بيع دين بدين. وإن قلنا: القسم إقرار، فإقرار الذمم محال لعدم تعيين ما في الذمة، ومن هذا في صفة القسمة بغية. فرع: في النوادر عن ابن القاسم: لهم قسم الدار المكتراة، والكراء الموروث ماض، ويقوم كل واحد ما يصير له إن لم يضر بالمكتري، ولا يضيق عليه، ولكل واحد سكنى نصيبه إن لم يضر بالمكتري (ولا يضيق عليه) وليس لهم إخراجه حتى يتم لتقدم حقه قبل الانتقال إليهم فما انتقل إليهم إلا ناقصاً كبيع الدار المكتراة. فرع: في الجواهر: إذا تنازع الشركاء فيما لا ينقسم، فمن طلب البيع أجبر الباقون إلا أن يكون بيع حصته مفرزة لا تنقض كالفنادق والدور الكبار، وقال (ش) و(ح) لا يجبران على البيع لقوله تعالى: (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) فالرضا شرط، والجبر ينافيه. وجوابهما: أن نفي الضرر لا يشترط فيه الرضا فإن القسم عندهما بيع. ويدخلها الجبر والشفعة يدخلها الجبر، والإنسان محتاج للاختصاص بملكه، ولا يحصل ذلك بقسم العين أو بدلها وهو الثمن. الركن الثالث: صفة القسمة: قال صاحب المقدمات: القسم إما أن يتبع في رقاب أو منافع، وقسم رقاب أموال ثلاثة: قرعة بعد التقويم، وتعديل ومراضاة بعد تعديل وتقويم، ومراضاة بغير تقويم ولا تعديل، ولكل صفة أحكام تخصها فيخص الأول: إجبار الممتنع عنها عليها، وتختص بالجنس الواحد من العقار أو الحيوان أو العروض لئلا يعظم الغرر بالقرعة في المختلفات دون المكيل والموزون، ولا يجمع سهم اثنين لما فيه من توقع تكرر القرعة وزيادة الغرر، ويرجع فيها بالعين لعدم الدخول على التفاوت، ولا تدخل في المكيل والموزون لإمكان قسمه بغير غرر القرعة بالمكيال والميزان، ويخص الثانية: جوازها في الأجناس والمكيل والموزون لعدم القرعة، إلا في صنف يمتنع التفاضل فيه، فإن الرضا فيه بغير المماثل حرام، ويرجع فيها بالغبن لما تقدم، وتختص الثالثة بعدم الرجوع بالغبن مع جوازها في موارد الثانية؛ لأن التزام عدم التعديل رضا بالتفاوت وهي بيع اتفاقاً ويحكم فيها بحكم البيع في الاستحقاق والرد بالعيب وسائر الأحكام المتعلقة بالبيع، واختلف في الأولين: فالمشهور أنهما بيع، وقاله (ش) و(ح) لأن كل واحد يعوض عن الشافع فيما أخذه شريكه الشافع مما أخذه لشريكه. وهذا هو حقيقة البيع، وقال سحنون وابن حنبل تمييز حق، قال صاحب التنبيهات: وهو الصحيح من مذهبنا وأقوال أئمتنا، وإن كان ومالك أطلق عليهما: بيع، واضطرب فيها رأي ابن القاسم لقسم الصحابة رضوان الله عليهم البقر والإبل المذبوحة عن سبع، وبيع لحوم القرب حرام، ولأن القرعة والإجبار ينافيان البيع لاشتراط الرضا فيه، ولأن تعويض المعين عن الشائع لو كان بيعاً لكان قبض طعام السلم والديون بيعاً، فيلزم بيع الطعام قبل قبضه، وبيع المؤجل في الذمم بالمعجل، وصرف ما في الذمم قبل حلوله (بجواز تعجيل الدين قبل أجله) بل هذا أولى بالبيع، فإن عين ما أخذ لم يكن له فيه ملك. والمقاسم كان يملك فيما أخذ نصيباً. والجواب عن الأول: أنه مستثنى من القسم للضرورة، وتوسعة على الناس في التقريب. والجواب عن الثاني: إن الرضا قول يشترط فيه البيع لدفع الضرر كالأخذ بالشفعة وبيع مال المفلس. تنبيه: لا يمكن القول بأنها بيع مطلقاً، فإن عين ما أخذ له فيه حصة قبل القسم، وهي الآن باقية له فلم يعاوض فيها. نظائر: قال العبدي: يجبر الإنسان على بيع ماله في سبع مسائل: الماء للعطشان، فإن تعذر الثمن أجبر بغير ثمن، ومن انهارت بئره وخاف على زرعه الهلاك يجبر جاره على سقيه بغير ثمن، وقيل: بالثمن والمحتكر يجبر على بيع طعامه. وجار الطريق إذا أفسدها السيل، وكذلك الساقية إذا أفسدها السيل يؤخذ مكانها بالقيمة من جار الساقية، وإذا ضاق المسجد يجبر من قاربه على البيع ليوسع للناس، وصاحب الفدان في فدن الجبل إذا احتاج الناس إليه ليخلصهم لأجل وعره، وصاحب الفرس أو الجارية يبطلها السلطان فإن لم يدفعها إليه جبر الناس فإنه يجبر هو تغليباً لأحد الضررين، والإنسان مضطر للخلاص من سوء الشركة والاستقلال بملكه من غير مزاحم فتعين الإجبار، وإن كان القسم بيعاً. وعن الثالث: أن المستحق في السلم والديون حقيقة مطلقة تجب على المديون بعينها في معين ليحصل الإقباض، وهذه الحقيقة لم ينتقل عنها إلى غيرها فما وجد معنى المعاوضة، وفي القسم كل واحد من نصفي الدار لزيد فيه حق شائع عاوض عن أحد الشائعين بالآخر فتقرر معنى المبيع، قال: والأظهر: أن الأولى تميز بخلاف الثانية، ودليل القرعة قوله تعالى: (فساهم فكان من المدحضين) وقوله تعالى: (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) وفي مسلم أن رجلا أعتق ستة أعبد بموته فأسهم - عليه السلام - بينهم فأعتق ثلثهم، وقال عليه السلام: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا لاستهموا) وإنما وقعت القرعة في تلك الصور تطييباً للقلوب وإقراراً لحق الورثة عن المعتق، وهذا متحقق في القسم وما يوجبه الحكم يجوز التراضي عليه من غير حكم. فرع: قال: المكيل والموزون يجبر فيه على التعديل بالكيل والوزن، لا بمكيال معلوم أو بصحفة مجهولة كان ربوياً أم لا اتفاقاً، كما يمتنع اتفاقاً تحرياً أو جزافاً للمخاطرة، ويدخله عدم المماثلة في الربوي، هذا في المكيل بخلاف الموزون يجوز تحرياً وفيه خلاف، هذا إذا كان صبرة، فإن كان صبرتين ربوياً كقمح وشعير ونقي ومغلوث فلا يجوز إلا الاعتدال بالمكيال المعلوم أو الصنجة المعروفة في الموزون لأنها مبادلة بالمكيال المجهول، لأن آخذ الشعير يقول: لو علمت وصول الشعير لهذه الغاية لم آخذه، ولو اقتسما القمح على حدة، والشعير على حده جاز بالمجهول والمعلوم، وغير الربوي بالحناء يجوز متفاضلاً بالمعلوم دون المجهول من الكيل والصنجة للخطر، وجاز قسم الصبرة الواحدة بالمعلوم والمجهول؛ لأن قسمهما ليس بيعاً بل تمييز حق. فرع: قال: وأما المنافع: فلا تجوز القرعة فيها عند ابن القاسم، ولا يجبر من أباها؛ لأن المنافع معدومة فقد لا تحصل فيعظم الغرر بالقرعة، بل يتراضيان باستغلال العبد أو الدابة مدة، والآخر مثلها، وكذلك الاستخدام والركوب أو السكنى، أو يزرع هذا مرة والآخر أخرى، وقاله (ش) و(ح) ويمتنع الاغتلال في المدة الكثيرة اتفاقاً، وجوزه مالك في اليوم، ومنع الاستخدام فيما زاد على الشهر، قال ابن القاسم: ويجوز أكثر من الشهر، وخصصه محمد بمثل خمسة أيام، وكل ذلك تحويم على الغلة، والمنع في الكثرة ملاحظة للغرر في الحيوان، والفرق بينه وبين الاستغلال: أن الاستغلال في معنى بيع ما لا يملك من الغلة؛ لأنه بيع أعيان مجهولة والاستخدام بيع منافع، وهي جائزة في المعدوم بدليل الإجارة، هذا في التهايوء في العين الواحدة، أما في العينين بأن يقبل هذا عبداً وهذا عبداً أو داراً وداراً أو أرضاً وأرضاً يزرعها والأخرى أرض يزرعها. فعن ابن القاسم: يجوز في السكنى والزراعة دون الغلة والكراء وهو على قياس التهايئ في الأزمان يجوز في اليوم الواحد على قول مالك، ويمنع في الأكثر للغرر، واستخدام العبيد والدواب يجري على الخلاف المتقدم في تهايئ الأزمان في العين الواحدة، وجوز (ح) الإجبار على قسم المنافع في سكنى الدار ولباس الثوب واستخدام البلد، لما روي في مسلم (إن امرأة وهبت نفسها للنبي - عليه السلام - فقال له رجل: زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة فطلب منه - عليه السلام - الصداق فقال لا أجد إلا إزراي هذا لها نصفه، فقال له - عليه السلام - وما تصنع بإزراك؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شيء؛ وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء) فدل ذلك على أن لكل واحد لبسه حالة استحقاقه، وهو عين القسم، وجوابه: أن الحديث لم يتعرض للإجبار، وإنما النزاع فيه لا في توزيع اللبس. فرع: في الكتاب: إذا اقتسما أرضا على أن لا طريق لأحدهما على الآخر، ولا طريق إلا عليه امتنع؛ لأنه ليس من قسم المسلمين. فرع: في الكتاب: لا تقسم المختلفات بالقرعة كالدور والأرضين أو البقر والغنم، وتجوز في دارين في موضع: جديدة ورثة، أو دار بعضها جديد وبعضها رث لأنه صنف واحد كالرقيق فيه العلي والدني؛ فإن كان الصنف الواحد لا يحمل القسم، بيع على الجميع إلا أن يتراضوا بغير قرعة؛ وإن كان متاع وحلي قسم المتاع بالقيمة والحلي بالوزن إلا أن يكون فيه جواهر لا تقارنه والفضة أو الذهب قدر الثلث فأدنى، أو كانت سيوفًا محلاة حليه كل سيف الثلث، قسم بالقيمة تغلبيًا للعروض كالبيع وإلا فلا فرع: في الكتاب: يمتنع في قسم التمر تفضيل أحد في الكيل لرداءة حظه أو المساواة في المقدار، ويؤدي آخذ الجيد ثمنًا لأنه بيع طعام غير متماثل؛ فإن أخذ أحدهما جملة الدراهم وثلث الطعام، والآخر ثلثاه وهي سمرا ومحمولة أو نقي ومغلوث امتنع لما تقدم، أو متساوي النقاء والجودة والجنس، أو من صبرة يتفق أعلاها وأسفلها جاز، بخلاف المتبايعين لأن هاهنا لم يأت أحدهما بطعام والآخر بطعام ودراهم، ولو أخذ ثلثي القمح وثلث الشعير، والآخر ثلثي الشعير وثلث القمح جاز لأنهما جنس؛ وإن أخذ القمح والآخر القطنية يدًا بيد جاز كالبيع، ولو كانا زرعًا امتنع إلا على الحصد مكانهما خشية النساء، ولو كان الزرع صنفًا واحدًا امتنع القسم حتى يدرس فيقسم كيلًا، خشية التفاضل. قال ابن يونس: قال ابن القاسم: إذا اقتسما صبرة قمح وصبرة شعير والقمح أكثر بأمر بين فأخذه أحدهما والآخر الشعير امتنع للتفاضل؛ وإن ترك أحدهما نصيبه من القمح واقتسما الشعير جزافًا امتنع لعدم تحقيق التماثل، وكأنه خاطره بما ترك من القمح، ويجوز كيلًا، قال أشهب: إذا أخذا الشعير والقمح أو ثلثيه جاز لعدم التهمة. قال محمد: وكل ما يكال من طعام أو غيره لايقسم تحريًا نفيًا للغرر، وما يتعذر فيه غير الوزن كالقمح يقسم ويباع تحريًا. قال ابن القاسم: ذلك في القليل، وذكر ابن حبيب البيض في هذا، والفرق بين الوزن والكيل: عدم تعذر الكيل ولو بالحفنة، والوزن يتعذر فسومح فيه، وأما ما يجوز فيه التفاضل فيجوز التحري على التماثل والتفاضل كالبيع ويمتنع على الشك في التعديل قاله مالك؛ لأنه بيع مجهول. وعن ابن القاسم لا يقسم ما يجوز فيه التفاضل تحريًا إلا على التفاضل حذرًا من الغبن. فرع: في الكتاب: دار بينهما ولأحدهما دار تلاصقها، فأراد فتح باب في المشتركة: للآخر منعه لحقه في موضع الفتح؛ وإن أراد في القسم جعل نصيبه إلى جهة داره حتى يفتح الباب منعه، بل حيث وقع سهمه أخذه؛ فإن اشترى أحد النصيبين من له دار تلاصقه فلا يفتح بابه إلى طريق هذا ليصير هو ومن اكترى منها وليسكن معه إن أراد رفقًا، إلا أن يجعل ذلك سكة نافذة لممر الناس يدخلون من باب داره ويخرجون كالزقاق فلا، للضرر، قال ابن يونس: قال محمد: صوابه ما لم يفتح من حائط الشركة. فرع: في الكتاب: يجوز التفاضل في قسم التراضي وزيادة أحدهما الآخر عروضًا نقدًا أو موصوفًا إلى أجل معلوم، أو عينًا نقدًا أو مؤجلًا، أو على أن يتصدق عليه صاحبه أو يهبه هبة معلومة كالبيع. فرع: في الكتاب: يجوز قسم الدار المستوية مذارعة بالقرعة؛ وإن كان بعضها أجود أو كلها سواء،وجعلا في ناحية أكثر إلا أن تراضيا نفيًا لغرر القرعة، ويقسم البناء بالقيمة. فرع: في الكتاب: إذا طلب بعضهم قسم البناء والساحة معًا؛ فإن كان يصير لكل واحد من الساحة ما ينتفع به في مدخله ومخرجه ومربط دابته وغير ذلك أجيب؛ وإن كان يصير لأقلهم نصيبًا ما لا ينتفع به إلا في دخوله وخروجه فقط: قسم البناء وحده وتركت الساحة لانتفاعهم نفيًا للضرر، ويتنفع الأقل مثل الأكثر نصيبًا سكن أم لا، ولهم منع من يبني في الساحة منهم لئلا يضيق على غيره.قال صاحب المقدمات: إذا احتملت ساحة الدار وبيوتها القسم قسمت كلها قسمًا واحدًا، وجعل لكل نصيب من البيوت ما يقابله من الساحة وعدل ذلك بالقيمة، ثم أسهم عليها؛ وإن احتملت البيوت فقط قسمت وأقرت الساحة يتفرقون بها كالفناء، إلا أن يتفقوا على قسمها؛ وإن احتملت الساحة فقط، فاللائق بمذهب ابن القاسم: لا تقسم إلا بالتراضي لأن جمعها في القرعة يخرج سهم بعضهم في البيوت، والآخر في الساحة وهو ممتنع كالصنفين، وقال ابن حبيب: يضمان؛ وإن وقع سهم أحدهما في البيوت فقط لأنهما كالشيء الواحد، قال: وهو بعيد لأن فيه جمع الصنفين إلا أن يريد مع تراضيهم فيتخرج على مذهب أشهب في جمعهما، وعلى قول ابن القاسم في مسألة النخلة والزيتونة، وقيل: إن الساحة لا تقسم؛ وإن صار لكل واحد ما ينتفع به قاله مطرف، وتأول قول مالك على ساحة البناء أو على ساحة الدار إذا بنوها وقسموا البيوت، وقال سحنون: إن كان على البيوت حجر لم تقسم الساحة وإلا قسمت، فجعلها إذا كانت للبيوت حجرًا كالفناء لا يقسم إلا بالتراضي، والأفنية تنقسم إلى ما يكون أمام دور القوم إلى جانب الطريق فلا يقسم؛ وإن اجتمعوا على قسمه لحق عامة الناس فيه عند الزحام وغيره؛ فإن قسم رد القسم. وقال أصبغ يمنع ابتداءً ولا ينقض؛ لأن حق المالك أقوى، وإلى ما يكون بين دور القوم فيجوز قسمه بالتراضي. قال ابن القاسم: على ما تراضوا عليه كالبيع، وعن مالك: على حال منازلهم؛ فإن امتنع بعضهم لم يحكم بالقسم. وقد اختلفوا في الأنادر والمسارح هل تقسم أم لا؟ وهي كالفناء بين دور القوم، وفي النوادر: تقسم الساحة الواسعة إن أرادوا أن يتخذوا حجرًا على بيوتهم؛ وإنما لا تقسم العرصة التي لبيوتها حجر فتبقى مرفقًا، قال أشهب: تترك إن ضاقت بالقسم، وإذا كانت واسعة فأراد أحدهم بيع نصيبه، ليس له ذلك إلا مع نصيبه من البيوت، أو بإذن الشركاء متى اجتمعوا على قسم العرصة الواسعة أو الضيقة قبل القسم أو بعده. قال محمد: يجوز، وإن ضاق البنيان عن القسم واتسعت الساحة قسمًا بالاجتهاد، وليس على أن تقع السهام كلها في البنيان إن ضاق عنها، لكن يجتهد فتضم الساحة حصصًا منها؛ وإن حمل البنيان وضاقت الساحة قسم البنيان وتركت مرفقًا. فرع: في الكتاب: دار فيها بيوت وساحة، ولها غرف وسطوح بين يديها: قسم البناء على القيمة وأبقوا الساحة، فالسطح يقوم مع البناء، تقوم الغرفة بما بين يديها من المرتفق، ولصاحب العلو الارتفاق بساحة السفل كارتفاق صاحب السفل في سطح الأعلى إذ ليس من الأفنية، ويضيف القاسم " قيمة خشب السطح والغرف مع قيمة البيوت التي تحت ذلك، وما رث من خشب العلو الذي هو أرض الغرف والسطح فإصلاحه على رب السفل، وله ملكه كما عليه إصلاح جدران الأسفل، وإذا سقط العلو على الأسفل فهدمه جبر صاحب السفل، على بنائه أو بيعه ممن يبني حتى يبنى على رب العلو علوه لالتزام صاحب السفل تمكين الأعلى من الانتفاع؛ فإن باعه ممن يبنيه فامتنع جبر المبتاع على البناء أو البيع ممن يبني توفية بالشرط ". قال ابن يونس: قال ابن شعبان: إذا خيف سقوط السفل فقيل: إن تعليق الأعلى على صاحب الأعلى لأن عليه حفظ ملكه، وقيل: على صاحب السفل؛ لأن عليه حمله بالبناء، قال: وبالأول أقول، إلا أن يهدمه من غير حاجة، وقوله قبل هذا: يجبر صاحب السفل على البناء أو البيع ممن يبني إذا سقط الأعلى على الأسفل: إنما ذلك إذا لم يكن له مال غير القاعة، فلا يقدر على أكثر من بيعها. عليه، وأما إذا كان له مال جبر على البناء؛ لأن على صاحب العلو في انتظار البيع ضررًا، ولو كان له مال امتنع البيع على هذا الشرط، قاله سحنون، وقال: وكذلك يحرم بإذن سيدها ثم يطؤها عليه أن يحجبها؛ فإن فلس بيعت عليه ممن يحجبها لضرورة التفليس، وكذلك الأمة لها ولد صغير يعتق السيد أحدهما لا يباع الرقيف منها إلا لفلس أو ضرورة فيباع عند ابن القاسم، ويشترط على المشتري عدم التفريق بينهما، قال اللخمي: لصاحب العلو الانتفاع بساحة السفل؛ لأنها العادة والعادة اختصاص صاحب السفل بالساحة، وعلى ذلك تقوم، وخشب الأجنحة لصاحب العلو إلا أن يكون ممدودًا إلى سقف صاحب السفل فينتفع بها، كأخذ خشبه فما خرج منها لصاحب العلو، وما دخل لصاحب السفل، وهذا إذا كان الملك واحدًا فيبيع أحدهما دون الآخر لدخول المشتري على ذلك، وما نقل العقد إلا ذلك، وأما إن أحدث المشتري ذلك الخشب: فإن جميعها له؛ وإن كان لصاحب العلو خشب يصعد عليها للعلو ويبني عليها درجًا، أو كان سطحًا له فخشبها له، وإذا تهدمت الدار، فعن ابن القاسم: يجبر صاحب السفل على بنائه أو البيع ممن يبني، وقال سحنون: إنما يجوز البيع على هذا إذا كان لا مال له، وقال ابن القصار: يجبر صاحب السفل على البناء إلا أن يختار صاحب العلو بناءه من ماله، ويمنع صاحب السفل من الانتفاع حتى يعطيه ما أنفق. قال: وأرى أن يخير صاحب السفل بين البناء أو البيع ممن يبني أو تمكين صاحب العلو من البناء إذا رضي بذلك، ثم يكونان شريكين في السفل هذا بقيمة كراء القاعة والآخر بقيمة كراء البناء إلا أن يعطيه بعد ذلك قيمة البناء يوم يأخذه قائمًا؛ فإن كان سبب الانهدام ضعف العلو، وصاحب السفل حاضر عالم ولم يتكلم على ذلك لم يضمنه؛ وإن كان صاحب السفل غائبًا وهي العلو مما لا يخفي سقوطه فهل يضمن أم لا؟ لأنه لم يتقدم إليه، والأول أحسن؛ وإن تقدم إليه ولم يفعل ضمن قولًا واحدًا، وكذلك إذا كان سبب الانهدام وهاء السفل، وصاحب العلو حاضر أو لم يقدم إن كان غائبًا، واختلف إذا وهي السفل هل تعليقه على الأعلى أو الأسفل؟ والأول أحسن؛ لأن البيع فيما كان على السلامة، وعلى إن الحمل على بناء بعينه، والمالكان لا يعلمان ما تؤديه الأحكام عند فساد البناء فإذا رث ذلك المعين لم يكن عليه أن يحمله على خشب؛ وإنما عليه أن يعلقه حتى يحمل عليه، ووافقنا (ش) في قسم العلو والسفل بالقيمة، وقال (ح): يقسم كل ذراع من السفل بذراعين من العلو؛ لأن صاحب العلو لا ينتفع بالهواء وصاحب السفل ينتفع بالقرار بالحفر والحمل. وجوابه: أن القيمة تأتي على جميع الأغراض فلا حاجة لهذا التحكم. فرع: لرجل خمسة أمداد تمر، ولآخر ثلاثة فمر بهما آخر فأكلوا كلهم سواء، فلما فرغ المار، دفع ثمانية دراهم فقال: اقتسماها على قدر ما أكلت لكما، قال صاحب الثلاثة: آخذ نصفها لأنه أكل من تمري مثل ما أكل من تمرك، وقال الآخر: بل لك ثلاثة توزيعًا للأكل على الملك، فحلف صاحب الثلاثة أن لا يأخذ إلا ما حكم به الشرع، فترافعا لعلي - رضي الله عنه - فقضى لصاحب الثلاثة بدرهم فقط. وتقريره: أنهم أكلوا بالسوية فأكل واحد من الثمانية ثلاثة إلا ثلث، لكل صاحب الثلاثة من ثلاثته ثلاثة إلا ثلث فبقي له ثلث أكله الوارد عليهم، وأكل صاحب الخمسة ثلاثة إلا ثلث. (تبقى له اثنان وثلث هي سبعة أثلاث أكلها الوارد عليهم فلا جرم أخذ سبعة وأخذ صاحب الثلاثة درهمًا، والثمانية هي ثلاثة إلا ثلث) التي أكلها الوارد عليهم فصحت القسمة على ما أكل وهو الحق. فرع: في الكتاب: إذا أخذ أحد الورثة العروض والآخر الديون إن كان الغرماء حضورًا وجمع بينه وبينهم جاز، وإلا فلا، لامتناع بيع دين على غائب، ويمتنع الدين بالغرماء لأنه بيع دين بدين بل يقسم ما على كل رجل، وقد تقدم من هذا في الركن الثاني. فرع: في الكتاب: دار لثلاثة رضوا بأن يأخذ أحدهم بيتًا منها والآخران بقيتها، يجوز؛ لأنه بيع؛ وإنما يمتنع جمع رجلين في القسم بالسهم؛ لأن قسم السهم غرر، والجمع تكثير له. فرع: في الكتاب: يجوز قسم الدار على أن الطريق لأحدهما، ولآخر في الممر، أو لأحدهما الغرف وللآخر السفل، ويلزمهما ذلك؛ لأنه بيع، ويجوز شراء تمر في دار دون بقيتها. قال صاحب النكت: إنما يجوز إذا كان فضل من الممر إلى موضع له، أو ينتفع به وإلا فلا؛ لأنه أكل مال بالباطل؛ فإن كان يصل إلى دار له استحقت داره فيبقى الممر بلا منفعة، قيل: لا يتنقض البيع لوقوعه جائزًا، ولو اشترى طريق الممر جاز مطلقًا؛ لأنه لما ملك المرفق يقدر يغرسها شجرًا وينتفع بها، وفرض الكتاب إذا لم يشتر الرقبة، قال صاحب التنبيهات: قيل إنما يجوز قسم السفل والعلو عند الملك مراضاة دون القرعة لأنه (كصنفين إذ لا ساحة للعلو، وجوزه الأكثرون بالسهم والمراضاة؛ لأن الدار واحدة، وتجويزه القسم على أن ليس لأحدهما..... حمله سحنون على المراضاة دون القرعة؛ لأنه يجب عليه قبل القسم إخراج الطريق وتأولها أبو عمر ابن المكوي على القرعة والمراضاة؛ لأنه قد لا يحتاج إلى إخراج الطريق في كل موضع لكون الطريق محيطًا فحيث أخرج نصيبه أخرج بابه من المحجة، وقد يضطر إلى الخروج من باب الدار ولا يقسم الباب. فرع: في الكتاب: إذا أراد أحدهما جمع الدور أو الحوائط أو الأقرحة في القسم ليجتمع له حظه في موضع وأبى الآخران استوت الرغبات في ذلك وقربت مواضعها: جمعت وإلا فلا، نفيًا للغرر؛ فإن اتفقت الرغبات في بعضها جمع المتفق في القسم ويقسم غيره كل مباين على حدة؛ وإنذاران بناحيتين من المصر: إن استوت الرغبات فيهما جمعتا؛ وإن اختلفت الرغبات وبينهما يوم لم يجمعا نفيًا للغرر، وإذا أراد الورثة قسم دار كانوا يسكنونها، وللميت دور بالبلد مستوية الرغبات في غير موضع هذه الدار قسمت هذه وحدها، وجمعت تلك في القسم، وتجمع القرى والأرضون والحوائط المتقاربة الموضع والرغبات والميل قريب؛ وإن تباعدت نحو اليوم لم تجمع. فائدة: قال صاحب التنبيهات الأقرحة الفدادين، واحدها قراح بالفتح، كزمان وأزمنة، وذلك في الكتاب: واحدها قريح، كقفيز وأقفزة وبعير وأبعرة، قال الخليل: القراح من الأرض: كل قطعة على حيالها من منابت النخل وغيره. قال ابن دريد: ما خلص طينة من السبخ وغيره، وأصله: الخالص من كل شيء. قلت: ومنه: الماء القراح أي لم يخالطه شيء، واللفظة بالقاف والحاء المهملة. قال ابن يونس: قال ابن حبيب: إذا ترك دورًا غير دور السكنى في القرب قسمت تلك وحدها، وعمل في غيرها ما ينبغي في القسم. وقال ابن أبي زمنين: ظاهر الكتاب: إن دار السكنى ليس له معها غيرها في ربض واحد، ولو كانت لجمعت، ولا كلام للورثة، بخلاف قول ابن حبيب. قال أشهب: تجمع الداران في نمط واحد، وإن كان بعضهما أعمر، كما تجمع الأرضون وبعضها أكرم، قال سحنون: ليست الدور كالأرضين، فقد تكون الدار في نمط واحد والرغبه مختلفة، وأما الأرضون في نمط فتجمع كالحوائط فيها ألوان الثمر. وقال أشهب: إن كانت الأرض متقاربة وبعضها أكرم جمعت للقرب؛ وإن طلب بعضهم جمع نصيبه في موضع، وقال غيره: يقسم في كل أرض جعل نصيب مريدي التفرقة ومريدي الجمع بينهما ويضرب بالسهام على أن الأرض مجموعة؛ فإن خرج سهم مريدي التفرقة جمع إليهم حقوقهم فصار كأنه حق رجل واحد، ثم تقسم كل أرض مما طاب لهم بينهم على حدتها، وجمع لكل واحد من مريدي الجمع حقه حيث خرج؛ وإن كانت الأرض متباعدة لا يجمع في القسم جعل نصيب مريدي الجمع سهمًا واحدًا، ولكل واحد من مريدي التفرقة سهم ثم يضرب بالسهام بينهم في كل أرض على حدتها، (فإن خرج سهم مريدي الجمع جمع لهم حقوقهم كأنهم رجل واحد في تلك الأرض على حدتها). وأعطي مريدو التفرقة كل واحد نصيبه حيث طاب له، ثم تعمل كل أرض كذلك، ثم يرجع إلى مريدي الجمع فيجمع لكل واحد منهم مما طاب لهم من أنصابهم من تلك الأرض المفترقة تعدل بينهم بالقيمة. قال اللخمي: إن كانت الدور متقاربة جمعت كانت في وسط البلد أو طرفه؛ فإن كانت أحداهما في وسط البلد والأخرى في طرفه، أو هما في طرفيه لم يجمعا، وإذا اختلف الورثة في دار سكنى الميت هل تجمع مع غيرها بالقرعة؟ إن كان الجميع في محلة واحدة جمعت وإلا فلا، وقسمت مفترقة إن حملها القسم وإلا تبايعوها إلا أن يكون الورثة عصبة ولم يتقدم لهم سكنى في ذلك الموضع ولم يكن له بسكن الميت شرف: فتلك الدور وغيرها سواء، والمعتبر أبدًا في الدور وجهان: موضعها وصفتها. ؛ فإن كان (فيها الجديد والرث وهي ذات عدد قسم الجديد على حدة، والرث على حدة كانت جديدة وقديمة جمعتا في القرعة للضرورة) بخلاف الأرض الواحدة بعضها كريم دون غيره تقسم قسمًا واحدًا كما قال في الكتاب: في الوصايا إذا حصل لأحدهما قدر قفيز وللآخر عشرة أقفزة لكرم الأرض ودناءتها قسمت بالقرعة، وكذلك الدور، والاختلاف اليسير بين الدور كقيمة أحدهما مائة والأخرى تسعين لا تمتنع القرعة على أن من صارت له دار المائة أعطى خمسة لأنه لابد منه في القسم لتعذر التساوي مطلقًا غالبًا، وتجمع الحوانيت في سوق أو سوقين متقاربي الرغبات وإلا فلا نفيًا لمزيد الغرر في القرعة ولا تجمع الدور إلى الحوانيت ولا إلى الفنادق ولا إلى الحمامات، وتجمع الفنادق والحمام إن قال أهل العرف باكتساب الرباع: هي متقاربة؛ لأنها مستقلات كلها وإلا فلا، ولا تجمع الحوانيت إلى الفنادق لقوة التباين، وقد تستحق الحوانيت مع ديار الغلة إذا قيل: التفاوت يسير. قال التونسي: قال سحنون: إذا كانت إحدى الدارين قاعة لم يجمعا في القسم، قاله سحنون؛ لأن عدم البناء في أحدهما يصيرها أرضًا، والدور والأرضون لا تجمع، وأما السفل مع العلو فقد يقال: إن سقف العلو كالقاعة إذ الغرض بالقاعة الاستقرار، وفوات يسير منافع القاعة لا يمنع الجمع، ولكن كثرة البناء في إحدى الدارين يزيد في ثمنها على القليلة البناء فيصير عوض كثرة البناء قاعة من الأخرى، وكذلك الجديدة مع الرثة عوض عن الجدة قاعة؛ فإن قيل: جوز هذا لأن كل واحد منهما نابه قاعة فأشبه الحائط فيه أنواع مختلفة لا يقدر على القسم كل نوع منها؛ فإنه يجمع لأن كل واحد يحصل له بعض تلك الأصناف، وإن قل، ولو كانت نخلة وزيتونه امتنع، قلنا: الفرق: أن العلو حصل له ما يشبه القاعة، وصاحب النخلة لم يحصل له شبه الزيتونة. قال ابن القاسم: لا تقسم ذات العين مع النضح ولا البعل مع السقي؛ وإن تقاربت الحوائط إلا بالتراضي نفيًا للغرر في القرعة؛ لأن أصلها غرر اغتفر لتطييب القلوب فلا يتعدى المتماثلات، وروى ابن وهب: يقسم البعل مع العيون إذا استوت في الفضل إذ هو المقصود، وروى ابن القاسم: المنع لتباين نوع المنفعة. قال اللخمي: قال محمد بن مسلمة: يقسم البعل مع العيون دون البعل مع النضح إلا أن يرضى أهله، ولا وجه له، بل البعل مع النضح أقرب، وإذا كانت الأراضي متقاربة مختلفة لم يجمعها ابن القاسم في القسم لتفاوتها، وكذلك إن تباعدت مواضعها كاليوم وتقاربت صفاتها لبعد المواضع، وجمعها أشهب لمن طلب حصته في مكان إذا كانت في مكان واحد ونمط واحد وبعضها أكرم أو بعض الدور أعمر إلا أن تكثر حصته من دار أو أرض فتجمع له في دار أو أرض أخرى، ثم يقسم الذين أرادوا التفرقة على ما تراضوا عليه؛ فإن تباعدت الدور: قسم مريدوا التفرقة حظهم من كل دار أو أرض، ثم يقسم مريدوا الجمع إن شاءوا، ومراده: إذا كانت متقاربة يبدأ بالقسم لمريدي الجمع؛ لأن ذلك الحكم وتسقط مقالة الآخرين؛ فإن كان مريدوا الجمع واحدًا كتبت أسماء الدار وضبطت فأيها خرج أولًا فهو له، ثم يقسم للآخرين كل دار أو أرض على سهامهم بالقرعة، فإذا أخذوا ذلك بقي بقية تلك الدار والأرض على ما كانت الشركة عليه قبل أن يأخذ هذا نصيبه، ثم يجمع الباقون بالتراضي لأن من أصله أن يجوز في مثل هذا التراضي بالقرعة، وأخذ سحنون بقول أشهب في الأرض دون الدور لأن الديار في لفظ واحد. وهي مختلفة النفاق، وقال الأئمة: لا تقسم دار مع دار، وإن تقاربت كما تكون الشفعة فيها دون غيرها، تقسم وحدها، ولأن في الجمع زيادة غرر في القرعة؛ لأن كل واحد يزول ملكه عن جملة إحدى الدارين بغير رضاه. والجواب عن الأول: أن الشركة إذا عمت فيهما والبيع، عمت الشفعة فنقيس القسم على الشفعة فينقلب الدليل، ولأن استقلال كل واحد بإحداها أتم في الانتفاع من الانتفاع ببعض داره. والجواب عن الثاني: المعاوضة والنقص بالاختلاف في الدار الواحدة، بل هاهنا أولى؛ لأنا إنما نجمع المتقارب وفي هذاك نجمع المختلف جدًا. فرع: قرية ذات دور وأرض بيضاء وشجر: تقسم الدور والأرض كما تقدم، والأشجار المختلفة كالتفاح والرمان في جنية واحدة تقسم مجتمعة بالقيمة، كالحائط فيه أصناف الثمر المختلفة، ويجمع لكل واحد حظه من الحائط في موضع أو في جنيتين قسمت كل جنية وحدها بالقيمة إن انقسمت. في النكت: قال ابن. عبدوس: الحائط فيه أصناف الثمر إنما يقسمه من هو أهل معرفة ذلك الموضع فيقوم نخلة نخلة على ما عرف من حملها لأن الشجرة الحسنة المنظر قد يقل ثمرها وبالعكس، فإذا فرغ من القيمة جمعها وقسمها على قدر السهام فيعرف ما ينوب كل سهم ثم يقرع على أي الطرفين يبدأ، فإذا عرفه كتب أسماء الاشتراك كل واحد في رقعه ثم يخلطها في........ ويعطيها نصيبها من الناحية التي أقرع عليها أعطاه شجرة شجرة حتى يكمل له ما يحصل له في القيمة. وأعطى الثاني كذلك والثالث حتى ينقضي الحائط؛ فإن بقي للأول بعض شجرة اشترك مع الثاني فيها بحصتيهما، كذا تقسم النخل؛ وإن فضل بعضها إلا بمتباين جدًا فيقسم كل على حدته نفيًا للغرر. قال الأبهري: يقسم النخل والعنب بالخرص، بخلاف غيرهما من الثمار دون غيرهما لا يخرص في العادة، فيعرف بالخرص، ولتمييز ثمرة النخل والعنب عن أصليهما فيعاين بخلاف غيرهما، قال التونسي: أجاز في الكتاب: قسم الأرض الواحدة، وإن اختلفت نفيًا للضرر، وكذلك الشجر في مكان واحد بعضها أكرم من بعض، قال اللخمي: النخل والأعناب والزيتون والفواكه لا تجمع لتفاوت الغرض فيكثر غرر القرعة؛ فإن تراضوا بالقرعة منع ابن القاسم؛ لأن الرضا بالغرر حرام، وأجاز أشهب لأن الرضا مما يسقط الحق، وأجاز ابن القاسم مرة في نخلة وزيتونة يعدلان ويقسمان بالتراضي؛ وإن لم يعتدلا تقاوماهما أو باعاهما، فجوزه للضرورة فيما قل كما جوزه في الأرض الواحدة بخلاف الأراضي والشجر والنخل كل صنف واحد يجمع، ويستحسن إذا كان الجيد ناحية وكلاهما يحمل القسم أن يقسم مفردًا، والزيتون صنف، وإن اختلف، وكذلك العنب، واستحسن أفراد المخالف إذا حمل القسم، وجعل ابن عبدوس تباينهما في الأرض كتباين الأرض في الكرم، وقد يحمل قوله على الاستحسان، وجعل ابن القاسم في الكتاب: الفواكه كالتفاح والرمان والخوخ ونحوهما صنفًا، وقال عبد الملك: إن كانت متساوية جمعت لعدم المرجح، أو صنف أكثرها قسم ذلك الصنف على السهام، وقسم غيره مختلطًا، وحكاه عن مالك. فرع: في الكتاب: الأرض فيها الشجر المفترق، تقسم مع الشجر لئلا يحصل شجر أحدهم في أرض غيره، وتقسم الأرض بين الورثة دون مجرى مائها، وتبقى بينهم على مواريثهم، وإذا باع أحدهم نصيبه منها فشركاؤه دنية أحق بالشفعة من شركائه في الماء، والدنية أهل وراثة؛ وإن اقتسموا الأرض خاصة فباع أحدهم حصته من الماء فلا شفعة لأنها فيما يقسم خاصة. فائدة: في التنبيهات: دنية بكسر الدال وسكون النون وبضم الدال وكسرها مقصور بغير هاء، وظاهر قوله: أن الشركة في القلد، وإن اقتسموا الأرض، ومذهبه هنا وفي كتاب الشفعة: أن من باع أرضًا أو قاسم وبقي بئرها لا شفعة له في البئر، وفي العتبية: له الشفعة، وأكثرهم على أنه خلاف، وقيل: لا، بل عدم الشفعة في البئر المفردة التي لا أرض لها ولا حريم، والشفعة في المحتملة للقسم على مذهب سحنون، أو فيما تعلقت به الأرض حريمًا لها وفيها، قاله ابن لبابة، قال سحنون: ومسألة القلد هاهنا: الماء مشترك لقوم شركاء في الأرض، ولولا ذلك لم تكن لهم شفعة لأنها بئر واحدة، وتكون الأرض بين طوائف لكل حصة مشتركة، والماء بين الجميع، فتكون الشفعة بين أشراك الأرض وهم أهل قلد واحد، والآخرون أهل قلد آخر، ولا شركة لهم معهم، بل هم شركاء في أرض أخري، قال القاضي: وقد يحمل كلامه في الكتاب: على هذا، أو يكون الأشراك قد اقتسموا ثم مات من له بعض شرك في ذلك فباع بعض ورثته نصيبه من الماء فأهل مورثه أحق لأنهم شركاء معه في أرضهم وقلدهم. فرع: قال اللخمي: أجاز ابن القاسم أن تقتسم الدار الغائبة على الصفة كالبيع على الصفة، ومنع سحنون للغرر، قال: والأول أحسن إن كان الباب لا يتغير؛ وإن كان يفتح لحارة أخرى امتنع إلا أن يكون القاسم عالمًا بقيمة الديار بالمحلة الأخرى لاختلاف قيم الدور باختلاف المحلات، واشترط ابن عبدوس أن يكون من أهل المعرفة بقيمة ذلك الموضع. فرع: في الكتاب: لا تقسم الثمار مع الأصل، وإن كان التمر بلحًا أو طعامًا، ولا الزرع مع الأرض بل تقسم الأرض والأصول، ويترك الثمر والزرع حتى يحل بيعها فيقتسمان عينهما أو ثمنهما حذرًا من طعام وأرض بطعام وأرض. قاعدة: إذا اتخذ جنس الربا من الطرفين وكان معهما أو مع أحدهما عين أخرى ربوي أم لا، امتنع البيع لعدم تحقق التماثل بإمكان التوزيع على وجه ينافيه، والقسم بيع، فروعي حاله كمال الزرع. قال: ولا يقسم الزرع فدادين ولا مزارعة ولا قتًا ولكن كيلًا؛ وإنما يجوز بيع الزرع مع الأصل بعين أو عرض كان الزرع أقل من ثلث قيمة0 الأرض أم لا، فإذا حل بيع ثمر النخل والعنب جاز في القسم كيلًا لا خرصًا تحقيقًا للتماثل إلا أن تختلف حاجتهم فيريد أحدهم الأكل والآخر التجفيف فيجوز الخرص ممن يعرفه، وعلى كل واحد سقي نخله؛ وإن كان ثمرها لغيره إذا كانوا قد اقتسموا الأصل قبل الثمر؛ لأن على صاحب الأرض سقيه إذا باع ثمرته؛ وإن لم يطلب ثمر النخل والعنب لا يقسم بالخرص بل يجذ ويقسم كيلًا تحقيقًا للتماثل، ولا يقسم البقل بالخرص ولا فواكه الشجر، وإن اختلفت لعدم الانضباط فيها بالخرض. فائدة: في التنبيهات: القت بفتح القاف: الحزم والقبض، وأصله الجمع، وكل ما جمعته فقد قتته، والخرص بالفتح اسم الفعل والمصدر، وبالكسر اسم المخروص وقال: حمل سحنون منعه قسم الزرع والبلح خرصًا مطلقًا، وأنكره ابن عبدوس وقال: إنما منعه على التأخير دون الجذ لقوله يجوز بيعه بالخرص على الجذاذ. وفي النكت: البقل القائم، والزرع القائم، والبلح الصغير ألفاظ الكتاب فيها مختلفة، وهي سواء، تنقسم على التفصيل البين..... جذاذ...... بينهم في قسم الثمرة بالخرص وهي مزهية أو بلح كبير دون غيره..... تحصيلًا لمصلحته في تمييز حقه، وإلا أقدم طالب البقاء، ولا يقسم بالخرص إلا عند التراضي، والفرق: أن طالب البقاء في المزهية يقدر عليه بعد...... البقاء إلى الكمال يفسد القسم، قاله بعض القرويين، ولو إقتسما البلح الصغير...... ثم أكل أحدهما حصته أو بعضهما، وأزهى نصيب الأخرى انتقضت القسمة، ويريد الأول قيمة ما قبض على الجذ لا على الرجاء والخوف بخلاف من اشترى بلحًا على أن يتركه حتى يطيب، وكان البيع فاسدًا، ثم جذه، هذا عليه قيمته على الرجاء والخوف؛ لأنه علي الترك دخل والقاسم دخل على الجذ؛ وإن اقتسما البلح الصغير ثم تركاه حتى كبر: ففي الكتاب: إن اقتسماه على تفاضل أو كان إذا كبر تفاضل فسد القسم لأنه بيع طعام بطعام متفاضلًا، ولو اقتسما البلح الصغير وأكل أحدهما حصته وبقي نصيب الآخر حتى صار كبيرًا لا ينتقض القسم؛ لأن البلح الصغير والكبير متفاضلًا جائز اقتسما على تفاضل أم لا، بخلاف مسألة الكتاب تركاه جميعًا حتى صار بلحًا كبيرًا. فآل الأمر إلى كونه بلحًا كبيرًا وهو لا يجوز التفاضل فيه، يفسد القسم إذا اقتسما أولا على التفاضل، أو كان إذا كبر تفاضل. قال التونسي: عن مالك: تقسم الثمار كلها بالخرص إذا وجد من يعرف ذلك وطاب وحل بيعه واختلفت الحاجة، ومنع ابن عبدوس قسمة الثمر بالخرص. لتوقع الربا. وقال عبد الملك: أجاز أصحابنا قسم الثمار التي يستعجلها أهلها بالخرص وكره قسمة الثمار الكثيرة لعدم الضرورة، وأنكر سحنون قسم البلح الكبير خرصًا إذا أراد أحدهم بيعه والآخر أكله، ولم يره اختلاف حاجة لأن الذي يبيع يجذ فقد اجتمعا على الجذ؛ لأن تركه يبطل القسم، وخالف ابن القاسم وأشهب. قال التونسي: يجوز قسم البلح الكبير بالتراضي مع اختلاف الحاجة بخلاف الرطب لأن الرطب يترك حتى يثمر فلا فساد في ذلك، والبلح لا يقدر من لم يرد الأكل أن يتركه حتى ييبسه فكان ذلك فسادًا فلم يلزم من أبي القسم بذلك، وأجاز التراضي في ذلك وهو طعام بطعام للضرورة ولو كان ذلك تمييز حق لم ينقض القسم بالزهو، وقد نقض إذا أزهي؛ وإنظر هل فيه جائحه لو أجيح نصيب أحدهما؟ نقلها عبد الملك، ومالك ابن القاسم سلكًا بالقسم تارة البيع وتارة التمييز، فاجازا قسم النخل دون زهوها وفيها ثمرة لم تؤبر، (ولو كان بيعًا امتنع لأن كل واحد باع نصفه بنصف صاحبه على أن استثنى ثمرته التي لم تؤبر) وقال في البلح الكبار: ينتقض قسمه بالإزهاء وكذلك الصغير. ولو كان تمييز حق لما انتقض؛ لأن كل إنسان أخذ ملكه يفتصل به، وأجاز قسم البلح الصغير بالتحري لتعذر كيله، وهو مما أصله الخرص، فإذا خرج من حد الخطار جاز؛ وإن فضل أحدهما صاحبه بالأمر البين جاز؛ لأنه ليس بطعام، ولا يبقى حتى يصير طعامًا. قال ابن يونس: إذا اقتسما الثمرة كما تقدم لا بعد قسم الأصول فعلى كل واحد سقي نخله؛ وإن كان ثمرها لغيره، وقال سحنون: السقي على رب الثمرة لأن القسم تمييز حق لا كالبيع فكان ما طاب لها هو نصيبه؛ وإنما كان السقي في بيع الثمرة على البائع لأنه باعها على حياتها من الماء، ولأنه يسقي نخله، وأما من قاسم أصل حائطه (دون شربه) فالسقي على البائع؛ لأن المبتاع لا يسلم له الأصل حتى يجذ البائع ثمرته، قاله مالك، وقال المخزومي: على المشتري للأصل؛ لأنه يسقي نخله فتشرب ثمرة هذا، قال ابن حبيب: تقسم الثمار كلها بالخرص إذا بدا صلاحها إذا اختلفت الحاجة إليها. ، وإن لم تختلف أو يبست في شجرها فلا تقسم إلا كيلًا، قاله مالك وأصحابه إلا ابن القاسم لم يجز الخرص إلا في النخل والكرم؛ وإنما كره مالك قسم ما لا يدخر من الفواكه خرصًا في شجره لعدم التقابض في الوقت فيجمع هذا اليوم وهذا غدًا فيلزم غدًا ربا النسأ، فلو جذاه جميعًا قبل التراضي جاز بالتحري في شجره بالتعديل والتفاضل لجواز التفاضل فيه، ولذلك منع من قسم البقل قبل الجذ خرصًا لعدم القبض فيصير طعامًا بطعام لا يدًا بيد، فلو جذاه قبل التفرق جاز، وقاله سحنون لقوله في قسم الزرع الأخضر وبيع فدان كراث بفدانين، قال ابن حبيب: إلا البصل والثوم لأنهما يدخران فيمنع فيها التفاضل فلا يقسمان تحريًا أخضرين ولا يابسين، ويقسمان يابسين عددًا وكيلًا، قال ابن يونس: ليس قسمه عددًا يدخله التفاضل، والصواب: قسمه وزنًا، قال ابن حبيب: إن اختلفت حاجاتهم إليه وهو أخضر قائم بلغ الانتفاع قسم خرصًا كمدخر الثواب. قال اللخمي: يجوز القسم على التعديل في الثمار والتفاضل على وجه المكارمة فيذكر أحدهما خمسة أوسق والآخر عشرة، كما يأخذ أحدهما من صبرتهما ستين والآخر أربعين إلا أن يكون فضل الكيل لمكان الزيادة، وجعل مالك البلح الصغير كالعلف فيجوز متفاضلًا، وجعله ابن القاسم كالبقل، قال: وأرى اعتبار العدد في ذلك الموضع إان كان العلف، والأكل، قليلًا: فهو كالعروض، أو للأكل غيره نادرًا وكلاهما كثير فكالطعام، وإذا كان كالحلف جازت المقاسمة، وإن لم تختلف الحاجة أو للطعام فلا إلا أن يجذا معًا، ويجوز متساويًا ومتفاضلًا إلا أن تختلف الحاجة فيجذ إحداهما دون الآخر، والاختلاف في قسم الفواكه بالخرص اختلاف في عادة لا فقه، فمتى كان قوم لهم عادة بخرصها جاز، وإلا فلا، ومنع ابن القاسم قسم البقل إذا اختلفت الحاجة فيه كمنع مالك الخرص فيما يجوز فيه التفاضل كالتفاح، وأجازه أشهب إذا بدا صلاحه، وليس مثل الزرع لدخول التفاضل فيه، ولا يحاط به، فمنعه ابن قاسم إذا لم يعرف الخرص وأجازه أشهب إذا تباين الفضل وخرجا من حد الخطر، وهو قول ابن قاسم في قسم اللبن يحلب كل واحد غنمًا ناحية إذا فضل أحدهما الآخر على وجه المعروف، ومنع سحنون لأنه بيع طعام بطعام، وليس يدًا بيد ولو طلباه قبل التفرق جاز، والأول الصحيح؛ لأن المعروف يسقط الربا كالقرض في النقدين إلى أجل إجماعًا، قال مالك: كل ما يحرم فيه التفاضل لا يقسم بالتحري رطبًا ولا يابسًا حذرًا من الربا، ومنه السمن والعسل والبيض لأن التحري يحيط به، وكل ما يجوز فيه التفاضل يجوز تحريه في شجره وعلى الأرض، وقال أشهب: يجوز التحري في كل ما يوزن كالخبز واللحم؛ لأن المكيال لا يفقد غالبًا ولو بالأكف، ولا يصح قوله؛ لأنه لو باع عشر حفنات بكذا امتنع، وقسمه جزافًا أقل ضررا من الحفنات، ومتى كانت الثمار غير مأبوره لم يجز القسم بحال؛ لأن إطلاقه يدخل الثمار وهي تؤل إلى الطعام، ويمتنع استثناؤها على البقاء بالإبار؛ لأن استثناء ما لم يؤبر في البيع لا يجوز؛ وإن كانت مأبورة أو بلحًا صغيرًا أو كبيرًا أو زهوًا فإطلاق القسم على الجواز لعدم دخولها وبقائها على الشركة، ويمتنع اشتراط دخولها لأنها تؤل إلى الطعام فهي طعام بطعام نسيئه، ومع التفاضل البلح الكبير؛ فإن استثني أحدهما والآخر بلح صغير أو كبير أو زهوًا أو أحدهما بلح كبير والأخرى زهو، فإطلاق القسم على الجواز والثمار غير داخلة في القسم؛ فإن اشترط دخولها في القسم امتنع؛ وإن اشترط إحداهما وبقيت الأخرى على الشركة جاز؛ وإن كانت إحداهما مأبورة والأخرى غير مأبورة؛ لأن إطلاق القسم على الجواز وغير المأبورة داخله في القسم لمن هي في نخله، والمأبورة مبقاة على الشركة؛ وإن استثناء ما لم يؤبر ولم يدخلاها في القسم امتنع؛ وإن اشترطت المؤبرة وأدخلاها في القسم امتنع، هذا كله عند ابن القاسم، وقيل: يجوز جميع ذلك وهو أحسن إذا لم تبلغ إلى حد تحريم التفاضل كالبلح الكبير والزهو. فرع: في الكتاب: يجوز قسم الزرع قبل بدو صلاحه تحريًا على جزء مكانه إن أمكن العدل في التحري، وكذلك القصب والتبن؛ فإن ترك الزرع حتى صار حبًا انتقض القسم واقتسماه كيلًا؛ فإن حصد أحدهما حصته وترك الآخر حتى تحبب انتفض لامتناع بيع ذلك على الترك إلى الطيب، ويرد الحاصد قيمة ما حصد فيجعل مع الزرع القائم بينهما لأن القسم هاهنا بيع، والبلح الكبير إن اختلفت حاجتهم إليه بأن يبيع أحدهما ويأكل الآخر قسم تحريًا، ومن عرف ما حصل له فهو قبض؛ وإن لم يجده، ما لم يتركه حتى يزهي؛ فإن ترك أحدهما حصته أو تركاه جميعًا حتى أزهى بطل القسم لامتناع بيعه على الترك حتى يزهي بخلاف الرطب لجواز بيعه على الترك، قال ابن يونس: قوله: يرد الحاضر قيمة ما حصد. قال أشهب: يوم أخذه لا على الرجاء والخوف ولو أكل أحدهما حصته والآخر نصف حصته وبقي نصفها حتى أزهى بطل القسم فيما أزهى، ورد الآكل جميع حصته نصف قيمة ما صار له، قال أشهب: يوم جذه لا على الرجاء والخوف فيقسمان ذلك مع ما أزهى، بخلاف من اشترى نخلًا على ان يتركه حتى يطيب فيجذه بعد ازهائه، فهذا بيع فاسد، يرد على الرجاء والخوف لدخوله على الترك، ودخول القاسم على الجذ. فرع: قال اللخمي: قسم الأرض بما فيها من بذر وزرع يمتنع عند مالك وابن القاسم، سواء خرج من الأرض أم لا، إلا أن يبلغ حد الإطعام وعلى قول ابن مسلمة (يجوز ويختلف إذا قسم على استثناء ما غاب بها جعله ابن القاسم كالذي لم يؤبر) إن لم يبرز من الأرض، وكالمؤبر إن برز، وجعله محمد كغير المؤبر، وإن خرج ما لم يستقل كالشجرة والزهو، وقال عبد الوهاب: كالمؤبر، وإن لم يبرز لأنه حب كامل في نفسه، ولاحظ الأول أن الأرض كالشجر والزهو، فعلى قول ابن القاسم يمتنع القسم قبل البروز لامتناع استثنائه، ولا يدخل في المقاسمة ولا يجوز عند محمد إن لم يسبل، وسواء استثنى أو دخل في المقاسمة؛ فإن أسبل جاز استثناؤه وامتنع إدخاله في القسم لاستقلاله، وعلى قول عبد الوهاب: يجوز استثناؤه، وإن لم يبرز لأنه عين مجاوره، ويختلف إذا اقتسما ولم يشترطا في البذر ولا في الزرع: فعلى هذا القول يحمل القسم على الجواز، وعلى أن البذر باق على الشركة، وإن لم يبرز، وعلى قول محمد: يكون محملها قبل البروز على الفساد، وبعد البروز على الجواز، وعلى أنه باق على الشركة، وإن لم يبرز، وعلى قول محمد: محملها على الفساد، وإن برز ولم يسبل، قال: والأول أحسن لأن البذور كالسلعة أودعت في الأرض، فيحمل القسم على الأرض دون ما فيها؛ فإن كانت أرضان وبرز زرع أحدهما دون الأخرى؛ لأن مطلق البيع على الجواز ويكون ما لم يبرز لمن صارت له تلك الأرض، وما برز على الشركة؛ فإن استثنى ما برز مما في أرضه ذلك الزرع، أو نصيبه ما لم يبرز امتنع القسم، عند ابن القاسم. فرع: في الكتاب: يقسم البسر أو الرطب بعد الجذاذ كيلًا، وإن كان يختلف نقصانه عند يبسه لجواز بيعه كذلك. فرع: في الكتاب: يقسم الصوف على الظهر إن جزاه إلى أيام قريبة يجوز بيعه إليها وإلا فلا؛ لأنه بيع مجهول. فرع: في الكتاب: يجمع البز كله: الديباج وثياب الكتان، والقطن والحرير والصوف والأفرية إذا لم يكن في كل صنف ما يحمل القسم مفردًا، ولا يقسم مفردًا نفيًا للغرر، وقال أيضًا: يجعل الجميع نوعًا واحدًا ويقسم بالقيمة كما يقسم العبيد، وفيها العلي والدني والذكر والانثى، وكذلك الإبل والبقر، وتجمع القمص والجبات والأردية والسراويلات في القسم، ولا تضم البسط والوسائد مع الأامتعة والثياب، ولا تجمع الخيل والبراذين والحمير والبغال في القسم بالسهم، بل كل صنف على حدة، والخيل والبراذين صنف، والبغال صنف، والحمير صنف، في التنبيهات: اختلف في تأويل كلامه فقيل: اختلاف، قال يقسم كل صنف وحده إن حمل القسم كانا ثيابًا أو عبيدًا أو حيوانا فتكون التفرقة على هذا استحسانًا، ومذهبه الآخر: يجمع الجنس كله في القسم، وإن احتمل كما قال في الثياب والعبيد، ومذهبه الثالث: لا يجمع شيء إلى غيره، وإن لم يحتمل القسم كان ثيابًا أو دواب وراعى أشهب في الجميع ما يمتنع سلم بعضه في بعض، وراعى ابن حبيب التشابه في الأصل والصفقة كالكتان مع القطن، والصوف مع المعز، والحرير مع الخز؛ لأن القرعة غرر فتبقى بحسب الامكان فتجعل في المتقارب. دون المتباعد، قال ابن يونس: لا يجمع اللؤلؤ مع الياقوت، والزبرجد مع الياقوت، إلا بالتراضي، وقال ابن حبيب: الحرير صنف ولا يقسم الديباج مع الحرير والخز، وفراء الخراف لا تجمع كالفراء القلنيات لتباينها، ولا فراء معمولة إلى غير معمولة. قال اللخمي: اتفق المذهب على قسم الديار والأرض بالقرعة، واختلف في غيرها من الحيوان والعروض، ومنع عبد الملك وقال: يباع ويقسم ثمنه لأن الأصل منع القرعة لتضمنها نقل ملك الإنسان بغير رضاه، ولأن كل واحد منهما قد يكون غرضه فيما صار لشريكه ويرجو حصوله، ولولا ذلك لم يرض، والضرر في خروج العقار عن الملك بالبيع ليس كغيره يجوز قسمه بالقرعة، ولذلك أجزنا له الشفعة دون غيره، وقال (ش): يجبر على القسم في المثليات، والأرض لقلة الغرر بخلاف الدارين والحانوتين المختلفين، ويجبر في العبيد والدواب المستوية القيمة خلافًا ل (ح)، ولا يجبر في المختلفات كالتركي مع الزنجي والعلو مع السفل لاختلاف الأغراض، هذا مذهب (ش)، قال اللخمي: وجعل ابن القاسم (الخيل والبراذين صنفًا، والبغال والحمير صنفين، ومنع أشهب الخيل والبراوين صنفًا) لإسلام بعضها في بعض؛ فإن كان كل قسم لا يحمل القسم مفردًا بيع إلا أن يتراضوا فيجوز، وإن كان، بالقرعة وكذلك الخيل إذا كان فرسًا سابقًا لا يجمع قوله بالقرعة جبرًا، وقال ابن القاسم: البغال والحمير صنف لا يسلم بعضها في بعض، وإذا امتنع السلم فالقسم أولى بالجمع لأنه جمع في السهم ما يسلم بعضه في بعض (وتجمع الإبل في القسم إذا تقاربت صفاتها، يجوز إسلام بعضها بعض) ويختلف إذا تباينت، فعلى أحد قولي ابن القاسم: يجوز اختيارًا (، وإن كان الجيد يحمل القسم مفردًا، وعلى قوله الآخر: يمتنع إلا أن لا يحمل كل صنف القسم مفردًا) وعلى قول أشهب: يمتنع جبرًا، وإن لم يحمل القسم مفردًا. قال صاحب المقدمات: اختلف فيما يجمع في القسم مجرى البيع فما جاز إسلام بعضه في بعض امتنع جمعه في القرعة، وما امتنع إسلام بعضه في بعض جاز جمعه، (وابن القاسم لم يجز جعل القسم تارة بيعًا وتارة أخف من البيع، فجمع ما يمتنع إسلام بعضه في بعض) كجمعه البز وهو أصناف في البيع وتارة أشد من البيع كمنعه من جمع الخيل والبراذين، والبغال والحمير، إلا أن يتأول أنه أراد إذا كان في كل صنف ما يحمل القسم، وهو أولى ما يحمل عليه قوله، فتحصل من مذهبه على هذا التأويل ثلاثة أقوال: تجمع الخيل والبراذين والبغال والحمير إن كان في كل صنف ما يحمل القسم، ولا تجمع إلا أن يكون كل صنف منها لا يحمل القسم، ولا تجمع مطلقًا وكذلك البز والثياب على هذا القياس يكون فيه ثلاثة أقوال. وأجاز أشهب جمع الصنفين تراضيًا، ومثله موجود لابن القاسم في مسألة الكتاب في النخلة والزيتونة، وهو مشكل؛ لأنه إن كان غررًا امتنع من الرضا به، وإلا لزم الجبر فيه، ومدار العلماء في هذا الباب كله على التقارب ونفي الغرر، وفي الجواهر: قال مطرف: البز صنوف لا يقرع إلا في صنف متشابه، وإن عدل بالقيمة فالحرير أو الخز أو الصوف أو الماعز لا يضم مع التبن والكتان ولا مع البز، ولا مع الديباج، وقال عبد الملك: القطن والكتان من البياض صنف؛ وإن كانت قمصًا وأردية وعمائم وجبايا. فرع: في الكتاب: يقوم المقوم قيمة العدل ثم يسهم عليه وما خرج لزم بحكم الحاكم؛ لأن القاسم حاكم، أو لأنهم تراضوا به فهو كالرضا بالبيع يلزم، ويقسم على أقل السهام؛ لأنه يغني عن إعادة القسم، فمن خرج سهمه جمع له تمام نصيبه ولا يفرق؛ لأنه ضرر؛ فإن تشاحوا في البداية بأي الطرفين أسهم عليها ثم ما خرج أسهم بعد ذلك، فمن خرج جعل من تلك الجهات وضم إليه فيها سهامه، ثم يضرب البيضاء بالسهام للباقين ؛ فإن تشاحوا في أي الطرفين يبدأ فكما تقدم؛ فإن بقي اثنان فتشاحا في الطرفين لم ينظر إلى قولهما، وضرب على أي الجهات شاء القاسم. فإذا ترك امرأته وابنًا أو عصبة لم يسهم للمرأة إلا على أحد الطرفين لا في الوسط، فتأخذ أحد الطرفين والباقي للولد أو العصبة، وكذلك إن كان الولد أو العصبة عددًا ولا يسهم رجلين في القسم؛ وإن رأى ذلك الباقون إلا في مثل هذا؛ لأن في الجمع زيادة عذر في القرعة. وقال صاحب التنبيهات: فأول ابن القاسم قول مالك: نصيب اثنين في القسم اختلفا أو اتفقا، رضيًا أو كرهًا، جمعهم سهم أو فرقهم، وغيره يرى جمع كل سهم في سهم واحد، رضوا أو كرهوا؛ فإن شاءوا بقوا شركاء تقاسموا، وقوله: يسهم للزوجة: قال ابن كنانة: مذهبه في الزوجة وغيرها يبدأ بالسهم لصاحب السهم القليل ويجعل في طرف. وقال المغيرة: يسهم للزوجة حيث خرج بينهما؛ لأن الأغراض تتعلق بالجهات لمصالح تتعلق بها من قرب الماء وغيره، وليس إجابة من غرضه في الشرق أولى ممن غرضه في الغرب، ولا معنى لقول ابن القاسم: أن المراد بالطرفين السهام؛ لأن السهام إن اختلفت فالمعتبر الأقل، أو استوت فالضرب لأحدهم ضرب للجميع. قال اللخمي: إن كان مع الزوجة ابن واحد فكما قال في الكتاب: فإن كثر الأولاد فهم كالواحد يسهم لهم سهم يقتسمون إن شاءوا، وعنه: كل واحد صاحب سهم. وقال ابن القاسم: يتراضون ويسهم لهم سهم واحد، للخلاف في ذلك، والخلاف في الأخ وابن العم مع الزوجة كما تقدم؛ وإن كان أربع زوجات ضرب لهن سهم واحد اتفاقًا؛ فإن اجتمع زوجات وجدات وبنات وعصبة قسم على سهم العاصب؛ لأنه أقلهم جزء من أربعة وعشرين، واستحسن إذا كانت تنقسم أثلاثًا والثلث لا يقبل القسم أن يقسم فتأخذ البنات نصيبهن، ويشترك في الباقي بخلاف إذا كان القسم على جميعهم إلا العاصب يقول كل واحد: يبقى العاصب مع غيري فتبقى الشركة على حالها لعدم المرجح إلا أن يرضى أحدهم بضمه إليه، ولا يقرع على من يضم إليه لئلا تتعدى القرعة محل مشروعيتها. فإن اجتمع لأحدهم سهم من ميراث بعد ميراث، أو ميراث وشراء من وارث أو من مالك متقدم على الإرث، أو ميراث وهبة جمع ذلك كله في موضع واحد ويضرب له عليها بالسهم، وفي القسم بين الورثة بقدر السهام لا على عدد الرءوس، فلا يفرق بين أهل سهم في القسم، ويقسم لأهل كل سهم نصيبهم في حيز ثم يقتسمونه قسمة ثانية إن شاؤوا أو يتركونه. وفي النوادر: إن طلب أحد الأخوة للأم إفراد نصيبه في القسم لا يجاب إلى ذلك حتى يقسم لأخوته قسمًا واحدًا؛ لأن شفعته لأهل سهمه فيفردوا بالقسم في حيز، ولأن المقصود بالقسم إنما هو إخراج السهام، وقد تقدم من كلام اللخمي أن القسمة تقع مع الجدات والبنات والزوجات أو عاصب قسم على سهم العاصب أربعة وعشرين، فقد أفردت كل زوجة وكل جدة، فهو مخالف لقول ابن الجلاب مع أن قوله منقول في الدواوين، والظاهر: حمله على ما إذا انفرد ذووا الفرائض دون عاصب يقتضي التوزيع على أقل من تلك السهام. وفي الجواهر: صفة القرعة: تكتب أسماء الشركاء في رقاع وتجعل في بناديق طين أو غيره وترمى كل بندقة فمن حصل سهمه في سهمه أخذ حقه متصلًا في تلك الجهة، وقيل: تكتب الأسماء والجهات، ثم تخرج البندقة من الأسماء، ثم أول بندقة من الجهات فيعطى من خرج سهمه في تلك الجهة، وفي النوادر: ترك ابنًا وثلاث بنات ودارين، ووهبت إحداهن لأخيها ميراثها لأختها من إحدى الدارين، قال سحنون: تقسم الدار خمسة أجزاء، فإذا خرج سهم الغلام جمع له سهمان؛ فإن خرج سهم إحداهن أخذ الثالث، ثم يسهم فيأخذ للثانية الخمس الرابع، ثم الباقي للثالثة؛ فإن خرج أولًا لإحداهن خرجن قبله فله الباقي؛ فإن وقع سهم الواهبة في الدوار الموهوبة فسهمها للموهوب، أو في الدار الخرى بطلت بينهما؛ فإن اختلفت الداران مبنية وقاعة قسمتا مفردتين؛ فإن كانت الهبة في المبنية جمع للموهوبة فيها سهمان من خمسة بالقيمة، أو في القاعة فكذلك، ومتى كانت الداران لا يجتمعان في القسم، جمع للموهبة سهمان في موضع إلا أن يقتسموا التي ليست الهبة فيها. فرع: قال صاحب التنبيهات: يقسم الماء بالقلد. فائدة: قال: القلد بكسر القاف وسكون اللام وهو القدر التي يقسم بها الماء، قاله جماعة، وقال ابن دريد: هو الحظ من الماء، يقال سقينا أرضنا بقلدنا أي بحظنا، وقال ابن قتيبة: هو سقي الزرع وقت حاجته. تمهيد: قال صاحب التنبيهات: اختلف الأصحاب في ضبط القلد فذكروا صفات وأورد بعضهم على بعض أسئلة كثيرة، وقد جمعت ذلك محررًا. فقال عبد الملك وأصبغ وغيرهما: يثقب أسفل قدر بمثقب يمسكه الأمنيان عندهما، وتعلق على قصرية ويصب الماء فيها مع الفجر، وكلما قرب فراغه صب إلى الفجر من الغد، ويقسم الماء المجتمع على أقلهم سهمًا أو كيلًا أو وزنًا، ثم يجعل لكل شريك قدر يحمل سهمه ويثقب بالمثقب الأول ويعلق بمائه ويصرف الماء كله إليه فيسقي ما دام الماء يسيل من القدر؛ فإن تشاحوا في التبدئة استهموا، وقيل: هذا فاسد إذا كان بعضهم أكثر سهمًا؛ لأن كبر القدر يوجب الثقل وشدة الجرية أمثال غيره بضغط الماء فيعين صاحبه. ، وإنما يصح من تساوي الانضباء، بل تجعل القدور مستوية ويأخذ السهم الكثير عددًا من القدور، وأيضًا قولهم بصب الماء عند الفراغ باطل؛ لأن جرية الماء عند امتلاء القدر أشد، بل ينبغي صب الماء عند أول النقص، وأيضًا ينقضي الليل والنهار في القدور المتفرقة قبل تمام الماء في القدر الواحدة، ويزيدان مع القدور لأجل ثقل الماء في الواحدة، فيفضل مع القدور من الليل والنهار فضل، ومن الأشراك من لم يسق، وقال ابن العطار: بل يكفي نصيب الأقل في القلد ويسقي إلى أن يذهب فيلقى فيه مكيلة للآخر كذلك حتى ينقضي اليوم والليل، والسؤال الأخير وارد على ابن العطار، فيأخذ صاحب الماء القليل أكثر من حقه لضعف جرية مائة، ويفضل من الزمان والأشراك كما تقدم، وقال غير ابن العطار من الصقليين: لا يلتزم الليلة واليوم بل يبتدئ أي وقت شاء أو يقرعوا إذا فرغت نوبهم، وإن زاد على اليوم والليلة، وقاله ابن يونس فسلم من السؤال الأخير ومن سؤال آخر سيأتي في الليل والنهار لدوران النوب في الليل والنهار، فمن سقى بالليل مرة سقى بالنهار أخرى، وقال ابن لبابه: تؤخذ قدر مستوية يثقب في جانبها ثقب بقدر الأنصباء لكل قسط ثقب بقدر مبلغ ماء القسط الأول في جانبها، ويثقب للثالث آخر الثاني هكذا، فمن خرج سهمه ألقي ماؤه في القلد؛ فإن أخرجت القرعة من له ثلاثة أقساط، فتح الثقب الأول فإذا انقضى القسط الذي فوق، فتح الثاني ثم كذلك الثالث فإذا تم انقضى سهمه، ويرد عليه: أن خروج قسط ماء من ثقب تحته في جانب القدر ليس كقوة خروجه أولًا من أسفل القلد وهو مملوء، وقال ابن أبي زمنين: بل يثقب لصاحب الثلث ثقب في ثلث القدر، ولصاحب النصف في نصفها على قدر سهامهم، ويرد على الوارد على ابن لبابه. قال القاضي: والذي يظهر لي ما يسلم من هذه الأسئلة وهو أقل عملًا وأواني، وهو أن ينصب مع الفجر ولا يتركه ينقص ثم يقسم ماء يوم وليلة على ما تقدم، أو تجعل أواني تحته عرفنا وزنها أو كيلها كلما امتلأت أزلناها ونصبنا أخرى مثلها، وأرقنا الأول وأدركنا بها نقص القلد ثم هكذا يتناول بين اثنين حتى يمضي النهار والليل، وقد عرفنا عدد ما ملأناه من الأواني وتستغني بذلك من أعداد الماء في الجرار للسكب في القلد وعن أعداد القصاري لجمع الماء ثم نقسم ذلك وعرفنا ما يقع لكل سهم بتلك الاثنين ويحفظها ثم يعلق القلد مملوءًا كما فعلنا أولًا ونصبنا تحته الآنية مع الفجر وبدأنا بالأول كما تقدم وفتحنا الثقب وكلما نقص منها شيء عوضناه على ما تقدم حتى يعتدل عند السقي كما اعتدلت..... هذه الآنية فمن كانت قدر نصيبه حول الماء وجعلت الأخرى لغيره وأريقت هذه واستدركت منها ما تصب من ماء القلد ومن له اثنان أبدًا ولا يحتاج إلى غيرهما، ويتعاهد القدر في كل ذلك فتذهب الاعتراضات كلها إلا واحدًا وهو أن السقي بالليل قد يرغب فيه لكثرة الماء فيه وسرعة جريته لغلبة الرطوبة على الأرض والهواء ليلًا والراحة من حر الشمس وأنه أحسن للشجر والنبات، وقد يرغب في النهار لقلة مؤنته والراحة من الظلام والسهر ولا يصح جمعهما في قرعة للاختلاف فينبغي أن يفرق القلد فيجعل سهم الليل وحده والنهار وحده إلا أن يقال: أن هذا تدعوا إليه الضرورة كقسم الدار فيها بنا آن: عتيق وجديد، والأرض فيها خسيس ونفيس. وقال ابن لبابه: أحب إلي قسم ماء كل ليلة وفي كل يوم على شهور العجم لاختلاف الليالي والأيام. قال القاضي: وهذا شاق لاحتياج كل ليلة أو يوم لمقياس أو نصف السنة ويلحق به النصف الآخر. قال ابن العطار: ينظر إلى بعيد الأرض وقريبها إن كان أصل اشتراكهما بميراث أو غيره، ثم تقاسموا استوى القريب والبعيد، وليس للبعيد أن يقول: لا يحسب علي الماء حتى يدخل أرضي؛ لأن أرضه عند القسم قومت ببعدها عن القلد بقيمة أقل؛ وإن لم يكن في الأرضين قسم ولا اشتراك ولا كيف ملكها إلا أنهم شركاء (في الماء فلا يحسب على البعيد حتى يدخل أرضه، وعن عبد الملك في القوم يرثون الأرض عليها ماء) مأمون كثير يقتسمون الأرض وبعضهم أقرب للعين فقيل الماء فيصير يقوم بالقريب دون البعيد، فأرادوا إعادة القسم فيمضى قسم الأرض ويعاد قسم الماء فيزاد للبعيد على القريب حتى يستووا فيه فيعطى البعيد أكثر، كما لو قسمت بالماء أولًا. قال القاضي: وعلى هذا لا يصح قسم ماء القلد ولا قياسه ولا جمع ما يخرج منه حتى يطلق أولًا الماء إلى الأرض، وماء ثقب القلد يجري حينئذ في الأرض مراقًا غير مجموع ولا محسوب، فإذا ورد أرضه أشهد الشهود ببلوغه بصوت أو ضرب بشيء يبلغهم صوته لوقته فيبتدرون بجمع الماء في الآنية وحسابه على ما تقدم. قال القاضي: وهذا يجمع في أمر القلد لا يكاد يوجد في كتاب مجموعًا هكذا.
|